Login to your account

Username *
Password *
Remember Me

Create an account

Fields marked with an asterisk (*) are required.
Name *
Username *
Password *
Verify password *
Email *
Verify email *
Captcha *
Reload Captcha
هيثم الجندى

هيثم الجندى

خبرة أكثر من 15 عام في التحليل الأساسي (الإخباري والاقتصادي) لأسواق المال العالمية ومتابعة تطورات الاقتصاد العالمي بالإضافة إلى قرارات البنوك المركزية 

تلقت استراتيجية الرئيس دونالد ترامب المتعلقة بالرسوم الجمركية ضربة قوية، بعد أن أصدرت محكمة أمريكية حكماً نادراً أوقف العديد من الرسوم الجمركية على الواردات التي هدد بفرضها أو فرضها بالفعل على دول أخرى.

ففي حكم صدر في وقت متأخر من يوم الأربعاء، قررت لجنة مكونة من ثلاثة قضاة في محكمة التجارة الدولية الأمريكية أن إدارة ترامب أساءت استخدام قانون صدر عام 1977 عند فرض ما يُعرف برسوم "يوم التحرير" على عشرات الدول، وبالتالي فإن هذه الرسوم غير قانونية. كما وسّع الحكم نطاقه ليشمل الرسوم الجمركية السابقة التي فُرضت على كندا والمكسيك والصين بحجة حماية أمن الحدود الأمريكية ومكافحة تهريب الفنتانيل.

أعلنت إدارة ترامب على الفور أنها ستطعن في الحكم، مما يضع مصير الرسوم الجمركية بين يدي محكمة استئناف، وربما المحكمة العليا لاحقًا. ولا يؤثر الحكم على الرسوم التي فرضها ترامب خلال ولايته الأولى على العديد من الواردات القادمة من الصين، ولا على الرسوم القطاعية التي خُطط لها أو فُرضت بالفعل على سلع مثل الصلب، إذ تستند هذه الرسوم إلى أساس قانوني مختلف قد تُضطر الإدارة الآن إلى الاعتماد عليه بشكل أكبر لمواصلة حملتها الجمركية.

ليس من الواضح حتى الآن مدى السرعة التي سيدخل بها حكم يوم الأربعاء حيّز التنفيذ، إذ منحت المحكمة الحكومة مهلة تصل إلى عشرة أيام لاتخاذ الإجراءات الإدارية اللازمة لإلغاء الرسوم الجمركية. لكن إذا تم تثبيت القرار، فإنه سيؤدي خلال أيام قليلة إلى إلغاء الرسوم الأمريكية الجديدة بنسبة 30% على الواردات القادمة من الصين، ورسوم بنسبة 25% على سلع قادمة من كندا والمكسيك، ورسوم بنسبة 10% على معظم السلع الأخرى التي تدخل إلى الولايات المتحدة.

لقد اعتُبرت تلك الرسوم الجمركية، إلى جانب احتمالات فرض رسوم انتقامية من الدول المتضررة، عاملاً مؤثراً سلباً على النمو في الولايات المتحدة وعلى المستوى العالمي. وبالتالي، فإن إلغاءها — حتى وإن كان مؤقتًا — من شأنه أن يُحسّن من حظوظ في كبرى اقتصادات العالم. وقد أشارت بعض البنوك المركزية إلى أن حالة عدم اليقين الناتجة عن الحروب التجارية تعرقل النشاط الاقتصادي.

تراجعت العقود الآجلة للأسهم الأمريكية عن أعلى مستوياتها خلال الجلسة مع تقييم المتداولين قرار المحكمة، حيث ارتفعت العقود الآجلة لمؤشر اس آند بي 500 بنسبة 1.1% بحلول الساعة السابعة صباحًا بتوقيت نيويورك.

أما مؤشر بلومبرج للدولار فقد سجل ارتفاعًا بنسبة 0.4% صباح الخميس، قبل أن يتخلى عن هذه المكاسب لاحقًا. وارتفعت عوائد السندات الأمريكية لأجل 10 سنوات بمقدار خمس نقاط أساس إلى 4.53%، في حين قفزت عوائد السندات لأجل عامين بما يصل إلى ست نقاط أساس لتبلغ نحو 4.05% قبل أن تقلص هذا الارتفاع.

ورغم أن المستثمرين استبشروا بإمكانية تخفيف القيود الجمركية، إلا أن حالة من عدم اليقين ما زالت تخيم على الأسواق بشأن ما إذا كان هذا الحكم يشكل نكسة دائمة في حملة ترامب لإعادة تشكيل التجارة العالمية، أم أنه مجرد عثرة قانونية مؤقتة. وقد سبق لترامب ومؤيديه أن هاجموا القضاء واعتبروه متحيزًا، كما اتُّهمت إدارته بعدم الامتثال الكامل لأوامر قضائية سابقة، ما يثير تساؤلات حول ما إذا كانت ستلتزم بالحكم هذه المرة.

سارع متحدث باسم البيت الأبيض إلى التقليل من أهمية الحكم، واصفًا إياه بأنه صادر عن "قضاة غير منتخبين" لا ينبغي أن تكون لهم سلطة "تحديد كيفية التعامل الصحيح مع حالة طوارئ وطنية". وكان ترامب قد استند في فرض العديد من الرسوم الجمركية إلى إعلان حالات طوارئ وطنية تتراوح بين العجز التجاري الأمريكي وحالات الوفاة الناتجة عن الجرعات الزائدة من المخدرات.

وقال المتحدث باسم البيت الأبيض، كوش ديساي، في بيان رسمي:

"المعاملة غير المتكافئة من قبل الدول الأجنبية تجاه الولايات المتحدة هي التي غذّت العجوزات التجارية التاريخية والمستمرة لأمريكا. هذه العجوزات خلقت حالة طوارئ وطنية دمّرت مجتمعاتنا، وتسببت في تخلف عمالنا، وأضعفت قاعدتنا الصناعية الدفاعية — وهي حقائق لم تنكرها المحكمة."

وفي حال لم يتم إلغاء الحكم أو تجاهله، فقد يؤدي ذلك إلى تصاعد المخاوف المالية في وقت تشهد فيه أسواق السندات توتراً بشأن مسار الدين العام المتصاعد للولايات المتحدة. وكانت إدارة ترامب قد استشهدت بزيادة الإيرادات الناتجة عن الرسوم الجمركية كوسيلة لتعويض التخفيضات الضريبية التي تضمنها مشروع القانون الاقتصادي الضخم المسمى بـ"فاتورة واحدة كبيرة وجميلة"، والذي يُناقش حالياً في الكونجرس وتُقدّر تكلفته بنحو 3.8 تريليون دولار خلال العقد المقبل.

دفع المستوردون الأمريكيون رقماً قياسياً بلغ 16.5 مليار دولار كرسوم جمركية في شهر أبريل، وهو أعلى مستوى يتم تسجيله على الإطلاق. وقد أشار مساعدو ترامب إلى أنهم يتوقعون أن تواصل هذه العائدات الارتفاع في الأشهر المقبلة.

يواجه شركاء الولايات المتحدة التجاريون الرئيسيون — ومن بينهم الصين والاتحاد الأوروبي والهند واليابان — لحظة حاسمة في مفاوضاتهم الجارية مع إدارة ترامب، إذ بات عليهم الآن أن يقرروا ما إذا كانوا سيواصلون الدفع نحو التوصل إلى اتفاقيات، أم سيبطئون وتيرة المحادثات معتمدين على أن موقفهم التفاوضي قد أصبح أقوى بعد حكم المحكمة.

وقال كبير أمناء مجلس الوزراء الياباني، يوشيماسا هاياشي، خلال مؤتمر صحفي صباح الخميس في طوكيو، إن الحكومة اليابانية "ستُجري دراسة دقيقة لمضمون الحكم وتبعاته، وستتخذ الرد المناسب بناءً على ذلك".

أما وزير التجارة والسياحة الأسترالي، دون فاريل، فقد صرّح بأن حكومته ستواصل الانخراط في المحادثات، وستُواصل بقوة الدفاع عن ضرورة إزالة الرسوم الجمركية، التي وصفها بأنها "غير مبرّرة".

وأصبح مصير ملامح اتفاق تجاري توصّل إليه ترامب مع المملكة المتحدة في وقت سابق من شهر مايو موضع شك هو الآخر، إذ ينص الاتفاق المحتمل على فرض رسوم جمركية أمريكية بنسبة 10% على جميع الواردات من بريطانيا — وهي رسوم ستُعتبر لاغية بحكم قرار المحكمة الأخير إذا ما تم تثبيته.

وقالت جينيفر هيلمان، أستاذة القانون في جامعة جورجتاون، والقاضية السابقة في منظمة التجارة العالمية، والمستشارة القانونية العامة السابقة للممثل التجاري الأمريكي: "لا أرى سبباً يجعل أي دولة ترغب في الدخول في مفاوضات لتفادي رسوم جُمركية تم التصريح الآن بأنها غير قانونية."

وأضافت: "هذا قرار واضح جداً بأن الرسوم الجمركية العالمية المتبادلة هي ببساطة غير قانونية."

وأكدت هيلمان أن ما يزيد من أهمية القرار هو أن المحكمة قضت أيضًا بعدم جواز استخدام الرسوم الجمركية كأداة ضغط في المفاوضات.

وقالت: "ما تقوله المحكمة هو أن خلق نفوذ تفاوضي ليس استخدامًا مشروعًا للرسوم الجمركية."

وختمت بقولها: "برأيي، هذا قرار شديد الأهمية."

أشارت هيلمان وخبراء قانونيون آخرون إلى أن ترامب لا يزال يمتلك سلطات قانونية أخرى يمكنه الاستناد إليها لفرض الرسوم، لكن أياً منها لا يمنحه الصلاحيات الواسعة التي وفرها له قانون الصلاحيات الاقتصادية الطارئة الدولية (IEEPA).

وأوضحت هيلمان أن هناك مادة في قانون التجارة لعام 1974 تتيح للرؤساء فرض رسوم جمركية تصل إلى 15% ولمدة لا تتجاوز 150 يومًا، ولكن فقط في حال حدوث أزمة في ميزان المدفوعات. وأضافت أن ترامب قد لا يرغب في إعلان مثل هذه الأزمة، نظراً لحساسية أسواق السندات حالياً والتوتر السائد بشأن الدين العام الأمريكي، مما قد يُفاقم القلق المالي في الأسواق العالمية.

لا يزال بإمكان ترامب اللجوء إلى سلطات قانونية أخرى لفرض رسوم جمركية على قطاعات أو دول بعينها، تمامًا كما فعل في ولايته الأولى. ففي الأشهر الأخيرة، استخدم بالفعل صلاحيات الأمن القومي لفرض رسوم على واردات من الصلب والألمنيوم والسيارات، كما أطلق سبعة تحقيقات جديدة تتعلق بقطاعات تشمل الأدوية، والأخشاب، والمعادن الحيوية.

وفي هذا السياق، قال ديمتري غروزوبينسكي، مدير منظمة ExplainTrade ومؤلف كتاب "لماذا يكذب السياسيون بشأن التجارة"، في مقابلة مع تلفزيون بلومبرج:

"صندوق أدوات إدارة ترامب لن يكون فارغًا تمامًا."

لكنه أضاف:"أما فيما يتعلق بقانون IEEPA، فإذا امتثلوا لهذا الحكم القضائي، فذلك يعني أنهم خسروا هذه الأداة — وكأنك سحبت لعبة من صندوق الألعاب."

 مزيد من حالة عدم اليقين

صدر حكم يوم الأربعاء في قضيتين متوازيتين رفعتهما جهة محافظة نيابة عن شركة صغيرة، وولايات أمريكية تحت إدارة ديمقراطية.

 وقال جيفري شواب، المستشار القانوني الأول في مركز ليبرتي جاستس المحافظ الذي رفع إحدى القضايا:

"هذا الحكم يؤكد أن الرئيس يجب أن يتصرف ضمن حدود القانون، ويُحمي الشركات والمستهلكين الأمريكيين من الآثار المزعزعة للاستقرار للرسوم الجمركية التي تُفرض بشكل أحادي وتقلبي."

ولكن بالنسبة للعديد من الشركات الأخرى، يُشير القرار إلى احتمال حدوث تقلب جديد حاد في سياسات الرسوم الجمركية الأمريكية، مما يثير المزيد من الأسئلة والقلق قصير الأمد.

من جانبها، قالت ديبورا إلمز، رئيسة قسم السياسات التجارية في مؤسسة هينريتش المؤيدة للتجارة الحرة، إنه من غير الواضح ماذا سيعني الحكم بالنسبة للمستوردين الذين دفعوا الرسوم الجمركية بالفعل أو لديهم بضائع حالياً في البحر قد تخضع لهذه الرسوم عند وصولها خلال الأيام القادمة.

وأضافت:

"الحكم قضى بـ'الإلغاء'، مما يوحي بإمكانية استرداد الأموال. لكن الاستئناف الفوري طلب أيضًا تعليق تنفيذ القرار."

وقال روبرت خاشاتريان، الرئيس التنفيذي لشركة Freight Right Global Logistics التي تتخذ من جنوب كاليفورنيا مقراً لها، والتي لديها عدة شحنات حالياً في البحر لعملاء في أنحاء الولايات المتحدة، وتحمل سلعاً في الغالب من الصين:

"تلك الحاويات مليئة بكل شيء من الألعاب إلى الروبوتات، ومن غير الواضح تمامًا ما سيكون عبء الرسوم الجمركية على تلك الشحنات عند وصولها."

تلقى روبرت خاشاتريان مساء الأربعاء عدداً من الأسئلة من عملائه حول إمكانية استرداد الرسوم الجمركية، وأي الرسوم ستُلغى، ومتى ستدخل التغييرات حيز التنفيذ.

وقال خاشاتريان: "نعمل بجد للرد على استفسارات العملاء، لكن الحقيقة هي أنه لا توجد معلومات كافية حتى الآن."

وأضاف: "غدًا سنكون منشغلين للغاية بمحاولة فهم ما يعنيه هذا القرار على أرض الواقع."

تجتمع أوبك+ عبر الإنترنت يوم الأربعاء لمراجعة حصص الإنتاج لهذا العام والعام المقبل، وذلك قبيل قرار مرتقب في عطلة نهاية الأسبوع من قبل ثمانية أعضاء رئيسيين بشأن ما إذا كانوا سيزيدون الإنتاج مجددًا في يوليو.

وقال عدد من المندوبين إنهم يتوقعون أن تُبقي منظمة البلدان المصدرة للبترول وشركاؤها على أهدافها طويلة الأجل دون تغيير لعامي 2025 و2026، وهي الأهداف التي تشكّل أساس قيود الإمدادات الحالية.

أما النقاش الأكثر حساسية للسوق، والمتعلق بما إذا كان سيتم الاستمرار في الزيادات اليومية البالغة 411 ألف برميل، والتي تسببت في تراجع الأسعار خلال الشهرين الماضيين، فسَيُحسم في مؤتمر عبر الفيديو يوم السبت، بحسب ما أفاد به المندوبون، الذين طلبوا عدم الكشف عن هويتهم نظراً لسرية المحادثات.

تسلسل الاجتماعات يسلط الضوء على تراجع أهمية حصص إنتاج النفط الخاصة بتحالف أوبك+ الذي يضم 22 دولة، خلال العامين الماضيين، حيث باتت التعديلات الفعلية على المعروض تُنفّذ من قبل مجموعة فرعية مكوّنة من ثماني دول، تقودها السعودية وروسيا.

وكانت هذه الدول قد خالفت توقعات السوق في 3 أبريل، عندما أعلنت عن أول زيادة ضخمة في الإنتاج — ثلاثة أضعاف الحجم المقرر في الأصل. وقد جاء هذا التحرك المفاجئ بعد ساعات فقط من إطلاق الرئيس دونالد ترامب حربًا تجارية عالمية، مما ساهم في دفع أسعار العقود الآجلة للنفط إلى أدنى مستوى لها منذ أربع سنوات، لتتراجع إلى ما دون 60 دولارًا للبرميل في الأيام التالية، وهو ما شكّل قطيعة واضحة مع سنوات من جهود التحالف الرامية إلى دعم الأسعار.

ومنذ ذلك الحين، استقرت عقود خام برنت قرب مستوى 65 دولارًا للبرميل، بعد أن تراجع الرئيس ترامب عن بعض الرسوم الجمركية التي فرضها في إطار الحرب التجارية.

قدّم مندوبو أوبك+ تفسيرات متعددة للتراجع عن السياسة السابقة، تراوحت بين تلبية الطلب الصيفي على الوقود، ومعاقبة الأعضاء الذين يتجاوزون حصصهم الإنتاجية، إلى محاولة استرضاء الرئيس ترامب وتعويض الحصة السوقية المفقودة.

ومن الناحية النظرية، قد يشكّل اجتماع الأربعاء فرصة للسعودية لدفع هذين الهدفين الأخيرين إلى الأمام.

فعلى الرغم من أن الدول الثماني المعنية لا تزال في منتصف الطريق تقريبًا نحو استعادة نحو 2.2 مليون برميل من الإنتاج الذي تم تعليقه منذ عام 2023، إلا أنه في حال حافظت على وتيرة الزيادات السريعة الحالية، فإنها ستكمل هذه العملية بحلول أكتوبر.

ولو إلتزمت أوبك+ بالكامل باستعادة حصتها السوقية، فمن الممكن أن تقترح تعديل الحصص الإنتاجية الأساسية خلال مناقشات الأربعاء. وقد بنى وزير الطاقة السعودي، الأمير عبدالعزيز بن سلمان، سمعته على المفاجآت في اللحظات الأخيرة، لكن المندوبين أشاروا إلى أنهم لم يرصدوا حتى الآن أي مؤشرات على أن مثل هذه الخطوات مطروحة على جدول الأعمال.

سيُعقد الاجتماع الأول يوم الأربعاء للجنة الوزارية المشتركة للمراقبة، والتي تضم مجموعة مختارة من أعضاء أوبك+، وستقوم بمراجعة أوضاع سوق النفط. يلي ذلك اجتماع كامل للتحالف المكوّن من 22 دولة. وفي النهاية، سيجتمع الأعضاء الاثنا عشر الأساسيون في منظمة أوبك لعقد واحد من الاجتماعين السنويين الإلزاميين، واللذين يكونان في الغالب ذا طابع إداري.

ووفقًا لما ذكره المندوبون، ستشمل مناقشات الوزراء آلية لتقييم مستويات الإنتاج الأساسية لعام 2027، وذلك في إطار الخطة التي تم الاتفاق عليها سابقًا.

ارتفعت بقوة ثقة المستهلك الأمريكي خلال شهر مايو متعافية من أدنى مستوى لها في نحو خمس سنوات، مع تحسن التوقعات بشأن الاقتصاد وسوق العمل في ظل اتفاق هدنة بشأن الرسوم الجمركية.

ارتفع مؤشر ثقة المستهلك الصادر عن مؤسسة كونفرنس بورد بمقدار 12.3 نقطة إلى 98، مسجلاً أكبر زيادة شهرية خلال أربع سنوات. وكان متوسط تقديرات الاقتصاديين في استطلاع بلومبرج يشير إلى قراءة عند 87.1.

وشهد مؤشر توقعات المستهلكين للأشهر الستة المقبلة أكبر ارتفاع له منذ عام 2011، كما ارتفع أيضاً مؤشر الأوضاع الراهنة، حسبما أظهرت البيانات الصادرة يوم الثلاثاء. وشمل التحسن في الثقة جميع الفئات العمرية ومستويات الدخل والانتماءات السياسية، مع تسجيل أكبر الزيادات بين الجمهوريين.

وانتهت فترة المسح يوم 19 مايو، بعد أن وافقت الولايات المتحدة والصين على تخفيض مؤقت للرسوم الجمركية المرتفعة المفروضة على سلع كل منهما أثناء تفاوضهما على اتفاق تجاري. وتم جمع نحو نصف الردود بعد التوصل إلى الاتفاق في 12 مايو، وفقاً للبيان.

قالت ستيفاني جيشارد، كبيرة الاقتصاديين في كونفرنس بورد، في بيان: "كان التعافي واضحاً بالفعل قبل اتفاق التجارة بين الولايات المتحدة والصين في 12 مايو، لكنه اكتسب زخماً إضافياً بعد ذلك."

قد يشير تحسن المؤشر إلى تراجع المخاوف بشأن الرسوم الجمركية — التي كانت مصدراً رئيسياً للقلق في المسوح السابقة — خلال الأسابيع الأخيرة. ومع ذلك، فقد جدد الرئيس دونالد ترامب منذ ذلك الحين تهديداته بزيادة الرسوم على دول ومنتجات أخرى.

ارتفعت أسعار السندات العالمية، لتقود سندات الخزانة الأمريكية المكاسب، في ظل مؤشرات على أن السلطات اليابانية قد تُجري تعديلات على مبيعات الديون، عقب عمليات بيع شهدتها السوق.

وقادت السندات طويلة الأجل هذا التحرك، حيث تراجع العائد على السندات الأمريكية لأجل 30 عاماً بما يصل إلى 9 نقاط أساس إلى 4.95% مع إعادة فتح السوق بعد عطلة. وفي اليابان، تراجعت العوائد المماثلة بأكثر من 20 نقطة أساس. كما صعدت السندات الأوروبية.

وأشارت السلطات اليابانية إلى أنها تدرس تعديل خطط إصدار الديون، بعد موجة بيع دفعت تكاليف الاقتراض طويلة الأجل في البلاد إلى أعلى مستوياتها منذ عقود. وكانت المخاوف بشأن قدرة الحكومات على تغطية العجوزات المالية الضخمة قد ضغطت في الأيام الأخيرة على ديون الدول المتقدمة، مما دفع العوائد الأمريكية طويلة الأجل نحو مستويات شوهدت آخر مرة في عام 2007.

قال مايكل براون، استراتيجي في مجموعة بيبرستون Pepperstone  بلندن: "الاحتمال المتزايد لخفض إصدارات الديون يمنح سندات الخزانة الأمريكية دفعة قوية". وأضاف: "بالنسبة للمستثمرين الباحثين عن سندات طويلة الأجل، فإن انخفاض المعروض من السندات الحكومية اليابانية قد يدفعهم للتوجه نحو سوق الخزانة الأمريكية".

كانت الحركة السعرية في أوائل الجلسة الأمريكية محدودة، مع عودة المستثمرين من عطلة نهاية أسبوع طويلة بمناسبة يوم الذكرى.

ونشرت وكالة بلومبرج أن وزارة المالية اليابانية أرسلت استبياناً إلى المشاركين في السوق مساء الإثنين، تطلب فيه آراؤهم بشأن إصدار الديون والوضع الراهن في السوق. وكان هذا التحرك غير معتاد، وفسّره المتداولون على أنه مؤشر على سعي السلطات لتحقيق الاستقرار لسوق السندات طويلة الأجل بعد عمليات البيع التي تعرض لها.

في المقابل، بدأت بعض الحكومات الأخرى فعلاً بتحويل إصداراتها نحو آجال أقصر. فقد ابتعدت المملكة المتحدة عن السندات طويلة الأجل بسبب تراجع الطلب من المستثمرين، وهي استراتيجية أكّدتها جيسيكا بولاي، رئيسة مكتب إدارة الدين، في مقابلة نشرتها صحيفة فاينانشيال تايمز يوم الثلاثاء.

وتراجع العائد على السندات البريطانية لأجل 30 عاماً بما يصل إلى 9 نقاط أساس يوم الثلاثاء، بعد أن كانت الأسواق المحلية مغلقة الإثنين، إلا أن تلك التحركات فقدت جزءاً من زخمها خلال الجلسة. في الوقت نفسه، تراجعت عوائد السندات الألمانية لنفس الأجل بمقدار 7 نقاط أساس إلى أقل من 3%.

ارتياح مؤقت

ويشكّل احتمال أن تقلّص الحكومة اليابانية إصداراتها من السندات نوعاً من التخفيف المؤقت لمخاوف ضعف الطلب، لكنه لا يعالج المخاوف الأوسع نطاقاً بشأن الأوضاع المالية الحكومية حول العالم، ما يثير احتمال أن تكون موجة الصعود في سوق السندات يوم الثلاثاء مجرد توقف قصير في خضم تقلبات مستمرة.

ويتعرض سوق السندات الياباني أيضاً لضغوط، وسط مؤشرات على أن البنك المركزي قد يُقدم على تقليص حيازاته الضخمة من السندات الحكومية بشكل أكبر.

وقال بنجامين شرودر، كبير استراتيجيي أسعار الفائدة في بنك ING "عوائد السندات طويلة الأجل تلقى بعض الارتياح حالياً، لكننا نعتقد أن عوائد السندات الأمريكية ستجد صعوبة خاصة في التخلص من النزعة السلبية خلال الأسابيع والأشهر المقبلة"، مضيفاً: "المسار المالي لا يزال عاملاً محورياً".

وتبقى سندات الخزانة الأمريكية في دائرة الضوء منذ أن قامت وكالة "موديز" بخفض التصنيف الائتماني السيادي الأخير المتبقي عند الدرجة الممتازة، استناداً إلى الاتجاهات المالية المتدهورة. وقد تفاقمت اضطرابات السوق بعد تمرير مجلس النواب الأمريكي الأسبوع الماضي لمشروع قانون الضرائب المحوري للرئيس دونالد ترامب، والذي من شأنه أن يرفع سقف الدين الفيدرالي بمقدار 4 تريليونات دولار.

وفي مؤشر على مدى توتر المستثمرين حيال خطط واشنطن لزيادة حجم الاقتراض في المستقبل، تتداول علاوة الأجل على السندات الأمريكية لأجل 10 سنوات بالقرب من أعلى مستوياتها منذ عام 2014.

ويركّز مستثمرو السندات الأمريكية الآن على مزادات سندات الخزانة لأجل عامين وخمسة وسبعة أعوام المقررة هذا الأسبوع، إلى جانب صدور محضر اجتماع الاحتياطي الفيدرالي، وبيانات خاصة بالنمو الاقتصادي والتضخم.

وقالت كاثلين بروكس، مديرة الأبحاث في شركة XTB "تراجع العوائد الذي يدفع عائد السندات الأمريكية لأجل 30 عاماً إلى ما دون 5% يُعد أمراً مهماً من الناحية النفسية"، مضيفة أن "ذلك يعزز معنويات المخاطرة في الأسواق".

واصلت أسعار الذهب تراجعاتها مع تحول الدولار إلى تحقيق مكاسب وانخفاض الطلب على الأصول الآمنة، في وقت يقيّم فيه المستثمرون فرص تحسن العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

وانخفض الذهب بنسبة 1.4%، وسط مؤشرات على أن اليابان قد تكون مستعدة لتعديل إصداراتها من الديون، مما دفع عوائد السندات العالمية والدولار الأمريكي إلى الارتفاع. ويؤدي صعود العملة الأمريكية إلى جعل الذهب أكثر تكلفة للمشترين بعملات أخرى.

كما كان المستثمرون أقل عزوفاً عن المخاطر بعد إعلان بروكسل عن تسريع وتيرة المفاوضات مع واشنطن لتفادي اندلاع حرب تجارية عبر الأطلسي.

وتأثر الطلب على الأصول الآمنة مثل الذهب مع بروز مؤشرات على إحراز البيت الأبيض تقدماً في مفاوضاته مع بعض الشركاء التجاريين. ووفقاً لحسابات بلومبرج، سجلت صناديق المؤشرات المتداولة المدعومة بالذهب خمس أسابيع متتالية من التدفقات الخارجة، منذ أن بلغت حيازاتها ذروتها في منتصف أبريل عند أعلى مستوى لها في أكثر من عام.

لكن الأسواق لا تزال في وضع الترقب والانتظار، إذ تقيّم جملة من المخاطر، من بينها اتساع العجز الأمريكي  واستمرار المحادثات التجارية وتفاقم الصراعات في كل من الشرق الأوسط وأوكرانيا.

ورغم أن الذهب حقق مكاسب تجاوزت 25% منذ بداية العام، إلا أن الأسعار الحالية لا تزال دون أعلى مستوى قياسي تم تسجيله الشهر الماضي بنحو 200 دولار. وقد رفع بنك "سيتي جروب" يوم الإثنين توقّعاتها قصيرة الأجل لسعر الذهب إلى 3500 دولار للأونصة.

ويستعد المستثمرون أيضاً لبيانات مؤشر الإنفاق الاستهلاكي الشخصي الأساسي في الولايات المتحدة—وهو مقياس التضخم المفضل للاحتياطي الفيدرالي—والمقرر صدوره يوم الجمعة.

وتداول الذهب الفوري عند 3296.63 دولاراً للأونصة في أحدث تعاملات. وارتفع مؤشر بلومبرج لقياس أداء الدولار بنسبة 0.3%. كما عمق البلاتين من خسائره بعد أن بلغ الأسبوع الماضي أعلى مستوى له في عامين على خلفية مؤشرات على شح في السوق، في حين تراجعت أيضاً أسعار الفضة والبلاديوم.

انخفضت أسعار الذهب مع تراجع الطلب على  الملاذات الآمنة في ظل مؤشرات على أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد يُخفف من موقفه المتشدد حول التجارة مع الاتحاد الأوروبي.

وتداولت أسعار الذهب بالقرب من 3335 دولاراً للأونصة، بعد أن ارتفعت بنحو 5% الأسبوع الماضي، وذلك بعدما أعلن ترامب يوم الأحد عن تأجيل خططه لفرض رسوم جمركية بنسبة 50% على الاتحاد الأوروبي حتى 9 يوليو، لإتاحة الوقت للطرفين للتفاوض على اتفاق. وكان الرئيس الأمريكي قد هدد يوم الجمعة بفرض رسوم أعلى من المتوقع على التكتل الأوروبي، كما وجّه تحذيراً إلى شركة آبل أنها ستكون عرضة لرسوم بنسبة 25% إذا لم تقم بتصنيع هواتف آيفون داخل الولايات المتحدة.

وقد ساعدت الحرب التجارية التي أطلقتها الإدارة الأمريكية الجديدة في دفع أسعار الذهب للارتفاع بأكثر من 25% منذ بداية العام، في حين لا تزال الأسعار تتداول بأقل بنحو 165 دولاراً من أعلى مستوى قياسي تم تسجيله الشهر الماضي.

ورغم أن الموقف الأكثر ليونة تجاه التجارة قد يُضعف الطلب على الذهب كملاذ آمن، إلا أن جاذبية المعدن النفيس لا تزال قوية، وسط تصاعد المخاوف بشأن الوضع المالي للولايات المتحدة، خاصة بعد أن قامت وكالة موديز بخفض التصنيف الائتماني الممتاز للبلاد. ويشعر المستثمرون بالقلق من أن مشروع قانون الضرائب المحوري لترامب — والذي أُقر الأسبوع الماضي في مجلس النواب ويتجه الآن إلى مجلس الشيوخ — قد يؤدي إلى زيادة إضافية في عجز الميزانية.

في الفترة المقبلة، سيتابع المتداولون مجموعة من البيانات الاقتصادية المنتظرة هذا الأسبوع، بما في ذلك مبيعات السلع المعمرة والمنازل، بالإضافة إلى مؤشرات تقيس ثقة المستهلك. ويُذكر أن الأسواق الأميركية مغلقة يوم الإثنين بسبب عطلة يوم الذكرى (Memorial Day).

تراجع سعر الذهب الفوري بنسبة 0.6% إلى 3335.89 دولاراً للأونصة في أحدث تعاملات، في حين انخفض مؤشر بلومبرج لقياس أداء الدولار بنسبة 0.1%. أما أسعار الفضة فكانت مستقرة، بينما تراجعت البلاتين والبلاديوم.

وكان البلاتين قد ارتفع بنسبة 11% الأسبوع الماضي، مسجلاً أعلى سعر له في عامين يوم الجمعة، وذلك في ظل مخاوف بشأن نقص في المعروض، إلى جانب تجدد الطلب على المجوهرات في الصين، مما زاد من حدة ضيق المعروض في السوق.

قالت رئيسة البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاجارد، يوم الإثنين، إن اليورو يمكن أن يصبح بديلاً حقيقياً للدولار، بما يحقق فوائد هائلة للتكتل المؤلف من 20 دولة، إذا تمكنت الحكومات فقط من تقوية البنية المالية والأمنية للاتحاد.

وأضافت أن المستثمرين الدوليين، الذين يشعرون بالقلق من السياسات الاقتصادية الأميركية المتقلبة، بدأوا في الأشهر الأخيرة تقليص استثماراتهم في الأصول المقومة بالدولار، لكن كثيرين منهم لجأوا إلى الذهب بدلاً من ذلك، لعدم وجود بديل مباشر واضح.

وفي الواقع، ظل دور اليورو العالمي راكداً لعقود، نظراً لأن مؤسسات الاتحاد الأوروبي المالية لا تزال غير مكتملة، ولأن الحكومات لم تُظهر رغبة تُذكر في تحقيق مزيد من التكامل.

وقالت لاجارد في محاضرة ألقتها في برلين: "التغيرات الجارية تفتح الباب أمام لحظة عالمية لليورو". وأضافت: "لن يكتسب اليورو نفوذه بشكل تلقائي – بل عليه أن يكسبه".

ولتحقيق ذلك، شددت على أن أوروبا تحتاج إلى سوق مال أعمق وأكثر سيولة، وأن تعزز أسسها القانونية، وأن تدعم التزامها بالتجارة الحرة بقدرات أمنية حقيقية.

ويُذكر أن دور الدولار العالمي في تراجع منذ سنوات، ويشكل الآن 58% من الاحتياطيات الدولية، وهو أدنى مستوى منذ عقود، لكنه لا يزال أعلى بكثير من حصة اليورو التي تبلغ 20%.

وقالت لاجارد إن أي دور معزّز لليورو على الساحة العالمية يجب أن يتزامن مع قوة عسكرية أوروبية أكبر قادرة على دعم الشراكات.

وأضافت في محاضرة ألقتها في كلية هيرتي ببرلين: السبب هو أن المستثمرين – وخاصة المستثمرين الرسميين – يبحثون أيضاً عن ضمانات جيوسياسية بصيغة أخرى: إنهم يستثمرون في أصول مناطق تُعتبر شريكة أمنية موثوقة وقادرة على الوفاء بتحالفاتها من خلال قوة صلبة".

وأشارت لاجارد إلى أن أوروبا ينبغي أن تعمل على جعل اليورو العملة المفضلة للشركات عند تسعير التجارة الدولية. ويمكن تحقيق ذلك من خلال إبرام اتفاقيات تجارية جديدة، وتعزيز المدفوعات عبر الحدود، بالإضافة إلى توفير سيولة من خلال اتفاقيات مع البنك المركزي الأوروبي.

ومع ذلك، قالت لاجارد إن إصلاح الاقتصاد الداخلي قد يكون أكثر إلحاحاً، حيث إن سوق المال في منطقة اليورو لا يزال مجزأً، وغير فعال، ويفتقر إلى أصل آمن وسهل التداول يمكن أن يتجه إليه المستثمرون بثقة.

تابعت لاجارد: "المنطق الاقتصادي يُظهر أن المنافع العامة تحتاج إلى تمويل مشترك. ويمكن لهذا التمويل المشترك أن يشكل الأساس الذي يتيح لأوروبا زيادة معروضها من الأصول الآمنة بشكل تدريجي".

لكن مسألة الاقتراض المشترك ظلت من المحظورات بالنسبة لبعض الدول الرئيسية في منطقة اليورو، لا سيما ألمانيا، التي تخشى من أن ينتهي الأمر بدافعي الضرائب لديها بتحمّل أعباء انعدام المسؤولية المالية لدول أخرى.

مع ذلك، أكدت لاجارد أنه إذا نجحت أوروبا في هذا المسار، فإن الفوائد ستكون هائلة. إذ إن تدفق الاستثمارات سيسمح للاعبين المحليين بالاقتراض بتكلفة أقل، وسيعزل التكتل عن تقلبات أسعار الصرف، ويوفر له الحماية من العقوبات الدولية.

يطالب مستثمرو السندات بعلاوة تعويضية متزايدة لحيازة الديون الأمريكية طويلة الأجل، في ظل تنامي القلق في الأسواق العالمية بشأن اتساع العجز المالي في أكبر اقتصاد في العالم.

فقد ارتفعت علاوة الأجل على السندات الأمريكية لأجل 10 سنوات — وهي العائد الإضافي الذي يطلبه المستثمرون مقابل الاحتفاظ بدين طويل الأجل بدلاً من الديون قصيرة الأجل — لتقترب من 1%، وهو مستوى لم يُسجّل منذ عام 2014. ويعكس هذا المؤشر مدى توتر المستثمرين إزاء خطط التوسع في الاقتراض مستقبلاً.

وقد تصدّرت تحديات التمويل في الولايات المتحدة المشهد بعد أن خفّضت وكالة موديز التصنيف الائتماني السيادي للبلاد، لتسلبها آخر تصنيف من الدرجة الممتازة قبل نحو أسبوع. وجاء ذلك بالتزامن مع إقرار مجلس النواب الأمريكي مشروع قانون بتريليونات الدولارات يمدد التخفيضات الضريبية التي أقرّها الرئيس دونالد ترامب في فترته الأولى، بالإضافة إلى ضعف الإقبال على مزاد بيع سندات أمريكية لأجل 20 عاماً.

قالت إيلا هوكسا، رئيسة قسم الدخل الثابت في شركة "نيوتن لإدارة الاستثمارات"، في مقابلة مع تلفزيون بلومبرج

"الخطر في الوقت الحالي يتمثل في أن هذه الظاهرة المالية قد تغذي نفسها بنفسها."

وأضافت: "ينبغي أن يكون ذلك مدعاة للقلق، لا سيما بالنسبة للأصول عالية المخاطر، وبالطبع لصنّاع السياسات أيضاً، إذ سيكون عليهم تمويل العجز بأسعار فائدة أعلى بكثير."

ارتفعت تكاليف الاقتراض الأمريكية طويلة الأجل بشكل حاد هذا الأسبوع، حيث صعد العائد على السندات لأجل 30 عاماً إلى 5.15%، مقترباً من أعلى مستوياته في نحو 20 عاماً. أما العائد الحقيقي — المعدّل حسب التضخم — لنفس الأجل، فقد أغلق يوم الأربعاء عند أعلى مستوى له منذ عام 2008.

وقد خفّت حدة التحركات يوم الجمعة مع انجذاب المستثمرين إلى البيع المكثّف الذي خلق فرص شراء، حيث قال مايكل هارتنت من "بنك أوف أمريكا" إن على المستثمرين استغلال الفرصة لزيادة حيازاتهم من السندات الأمريكية طويلة الأجل، نظراً لأن الحكومة الأمريكية ستضطر على الأرجح إلى الاستجابة لتحذيرات "حراس السندات" الذين يطالبون بكبح جماح الدين العام. وقد استقر العائد على سندات الثلاثين عاماً فوق 5% ظهراً في لندن، مسجلاً ارتفاعاً للأسبوع الرابع على التوالي.

في المقابل، أبدى آخرون حذراً أكبر، مشيرين إلى فترات سابقة بلغت فيها علاوة الأجل على السندات لأجل 10 سنوات مستويات أعلى بكثير مما هي عليه اليوم. فبحسب مقياس الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، بلغ متوسط علاوة الأجل في العقد الأول من هذا القرن أكثر من 150 نقطة أساس، قبل أن تهبط لاحقاً مع سنوات السياسات النقدية بالغة التيسير.

وقال غييرمو فيليسيس، كبير استراتيجيي الاستثمار العالمي في "بي جي آي إم للدخل الثابت": "بدأ المستثمرون يدركون أن الديون طويلة الأجل لم تعد أصولاً آمنة". وأضاف أن من "الصعب جداً" تحديد القيمة العادلة لهذه السندات، لأن علاوة الأجل كانت "مشوّهة" لسنوات بفعل تدخلات البنوك المركزية.

ولم تقتصر موجة ارتفاع العوائد على الولايات المتحدة، فقد ارتفعت العوائد طويلة الأجل هذا الأسبوع في مناطق أخرى أيضاً، إذ وصلت في اليابان إلى أعلى مستوى لها منذ بدء تسجيل البيانات في أواخر التسعينيات، كما تعرضت السندات المماثلة في المملكة المتحدة وألمانيا وأستراليا لضغوط بيع.

تذكّرنا الأسواق اليوم بأن الحكومات لم تعد قادرة على الاستمرار في الاقتراض بوتيرة مماثلة لتلك التي شهدناها عندما كانت أسعار الفائدة تقترب من الصفر — خصوصاً في ظل تصاعد التوترات التجارية واستمرار التضخم العنيد، ما يقلّص احتمالات لجوء صُنّاع السياسة إلى تيسير نقدي حاد من جديد.

وقال مايكل براون، استراتيجي الأسواق في "بيبرستون":هذا يعكس مدى القلق المستمر إزاء المشهد المالي في الولايات المتحدة، ولكن أيضاً على المستوى العالمي، حيث لا تزال مخاوف العجز المالي تؤرق المشاركين في الأسواق في كل مكان".
وأضاف: "وبحق، إذ يبدو أن الحكومات تفتقر تماماً إلى الإرادة للسيطرة على الوضع".

وقد بدأ المستثمرون في أنحاء العالم بالابتعاد عن الأصول الأمريكية منذ أن كشف الرئيس السابق دونالد ترامب عن تعريفات جمركية عالية ضد شركاء تجاريين رئيسيين. وعلى الرغم من أن بعض هذه الرسوم تم تقليصه لاحقاً، إلا أن مديري الصناديق يرون أن حالة عدم اليقين السياسي لا تزال مرتفعة.

وكتب محللو "سيتي غروب"، بمن فيهم ديرك ويلر، في مذكرة: "لقد انتقلنا من قصة التعريفات الجمركية إلى قصة العجز المالي". وأضافوا أنهم ينصحون العملاء بتخفيض تعرضهم لآجال استحقاق طويلة (duration)، مشيرين إلى أن "الانحدار الأخير في منحنيات العائد ظاهرة عالمية مدفوعة بنقص في المدخرات، لكن مشروع قانون التخفيضات الضريبية يهدد بصب الزيت على النار".

حذّر مديرو أصول من شركات مثل "دابل لاين" و"بي جي آي إم" من خطر استمرار ارتفاع العوائد طويلة الأجل، في وقت بدأت فيه حتى البنوك المركزية تُعبّر عن قلقها.

فقد صرّح محافظ البنك المركزي الفلبيني يوم الجمعة بأن المؤسسة قد تدرس تقليص حيازتها من الديون الأمريكية، وذلك في أعقاب خفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة من قبل وكالة "موديز".

تسلّط هذه التحركات الضوء على تنامي المخاوف العالمية من أن العوائد الأمريكية قد تواصل ارتفاعها، مما يزيد من تقلبات الأسواق ويزيد كلفة تمويل الحكومة الأمريكية في وقت يتسارع فيه العجز المالي.

الحالة اليابانية

كانت أسواق السندات اليابانية من بين الأكثر تضرراً من موجة البيع الأخيرة، ويعود ذلك بشكل أساسي إلى تقليص بنك اليابان مشترياته من السندات في ظل تسارع وتيرة التضخم، بالتزامن مع تراجع دور المشترين التقليديين مثل شركات التأمين على الحياة في سد الفجوة الناتجة عن هذا الانسحاب. وقال رئيس الوزراء شيغيرو إيشيبا هذا الأسبوع أن "الأوضاع المالية في اليابان أسوأ من تلك في اليونان.

قال أجاي راجادهاكشا، رئيس الأبحاث العالمية في بنك "باركليز"، إن اليابان قد تدرس مطالبة الكيانات المملوكة للدولة بدعم سوق السندات المحلي في حال استمرار موجة البيع في الديون طويلة الأجل. ورغم أن هذا السيناريو لا يمثل توقعه الأساسي وقد لا يتجاوز مرحلة الفكرة، إلا أن تنفيذه نظرياً قد يدفع تلك الكيانات إلى بيع سندات الخزانة الأمريكية من أجل تمويل شراء السندات المحلية.

وشهدت السندات اليابانية لأجل 30 عاماً انتعاشاً يوم الجمعة، حيث جذبت موجة البيع بعض المشترين، مما أدى إلى تراجع العائد بمقدار 13 نقطة أساس ليصل إلى 3.05%.

ومع ذلك، يتداول الاستراتيجيون على نطاق واسع المخاطر المحتملة لتداعيات اضطرابات سوق السندات اليابانية على سندات الخزانة الأمريكية. وفي هذا السياق، حذر "دويتشه بنك" من أن ارتفاع العوائد في اليابان قد يجعل السندات المحلية أكثر جاذبية للمستثمرين اليابانيين، ما قد يقلل من إقبالهم على شراء السندات الأمريكية ويشكّل ضغطاً إضافياً على العوائد في الولايات المتحدة.

هدد الرئيس دونالد ترامب شركة آبل بفرض تعريفة جمركية لا تقل عن 25% إذا لم تقم بتصنيع هواتف آيفون داخل الولايات المتحدة، ما يزيد الضغط على عملاق التكنولوجيا لتوسيع إنتاجه المحلي.

وقال ترامب في منشور على منصة "تروث سوشيال" يوم الجمعة: "لقد أبلغت منذ وقت طويل تيم كوك، الرئيس التنفيذي لشركة آبل، أنني أتوقع أن تُصنَّع هواتف آيفون التي تُباع في الولايات المتحدة الأمريكية داخل البلاد، وليس في الهند أو أي مكان آخر. وإذا لم يكن الأمر كذلك، فيجب على آبل دفع تعريفة لا تقل عن 25% للولايات المتحدة."

وبعد إعلان ترامب، تراجعت العقود الآجلة للأسهم الأمريكية إلى أدنى مستويات الجلسة، وقادت عقود مؤشر ناسدك 100 هذا التراجع. كما هبطت أسهم آبل بنسبة 4%.

ولم ترد شركة آبل فورًا على طلب للتعليق بشأن تهديد ترامب.

أصبحت شركة التكنولوجيا العملاقة هدفًا متكررًا لترامب في إطار سعيه لإجبار الشركات على إعادة وظائف قطاع التصنيع إلى الولايات المتحدة. وتشكل مطالب ترامب تحديًا صعباً للشركة، التي اعتمدت لسنوات على سلاسل توريد متركزة في الصين لتصنيع هواتفها الشهيرة.

ويُعد تصنيع هواتف آيفون من الصفر داخل الولايات المتحدة أمرًا بالغ الصعوبة، حتى بالنسبة لشركة تتمتع بسيولة مالية ضخمة مثل آبل، إذ إن نقص الكفاءات المحلية في مجالي الهندسة والتصنيع يجعل من ذلك هدفًا شبه مستحيل على المدى القصير.

تُصنِّع آبل معظم هواتف آيفون في الصين، ولا تملك أي خطوط إنتاج للهواتف الذكية داخل الولايات المتحدة. وقد وعدت الشركة بتوظيف المزيد من العمال في الولايات المتحدة، وتعهدت بإنفاق 500 مليار دولار محليًا خلال السنوات الأربع المقبلة.

لكن ترامب زاد الأمور تعقيدًا بالنسبة لخطط آبل التي تهدف إلى استيراد معظم هواتف آيفون المخصصة للسوق الأمريكية من الهند بحلول نهاية العام المقبل، حيث قال إنه أبلغ تيم كوك، الرئيس التنفيذي للشركة، بضرورة التوقف عن بناء مصانع في الهند، والتركيز بدلًا من ذلك على الإنتاج داخل الولايات المتحدة.

هدّد الرئيس دونالد ترامب بفرض تعريفة جمركية بنسبة 50% على السلع القادمة من الاتحاد الأوروبي بدءًا من الأول من يونيو، قائلاً: "مباحثاتنا معهم لا تفضي إلى شيء".

وقال ترامب في منشور على منصة "تروث سوشال" يوم الجمعة: "الاتحاد الأوروبي، الذي تشكّل أساسًا بهدف استغلال الولايات المتحدة تجاريًا، كان من الصعب للغاية التعامل معه"، منتقدًا ما وصفه بـ"الحواجز التجارية القوية، والضرائب على القيمة المضافة، والعقوبات السخيفة على الشركات، والحواجز التجارية غير النقدية، والتلاعبات النقدية، والدعاوى القضائية غير العادلة وغير المبررة ضد الشركات الأمريكية".

تراجعت العقود الآجلة لمؤشر اس آند بي 500 بنسبة 1.1%، فيما انخفضت عقود مؤشر ناسدك 100 بنسبة 1.3% صباح الجمعة بعد تهديد ترامب، الذي جاء بعد دقائق فقط من إعلانه أنه سيفرض تعريفات جمركية لا تقل عن 25% على شركة آبل الأمريكية العملاقة إذا لم تقم بتصنيع هواتف آيفون الشهيرة داخل الولايات المتحدة.

تأتي أحدث مناورات ترامب التجارية بعد أن قدّم الاتحاد الأوروبي، في وقت سابق من هذا الأسبوع، مقترحًا تجاريًا مُحدّثًا للولايات المتحدة في محاولة لإعطاء دفعة للمحادثات بين الجانبين.

ويشمل الإطار الجديد مقترحات تأخذ بعين الاعتبار المصالح الأمريكية، بما في ذلك حقوق العمال الدولية والمعايير البيئية والأمن الاقتصادي، بالإضافة إلى خفض تدريجي للتعريفات الجمركية إلى الصفر من كلا الجانبين على المنتجات الزراعية غير الحساسة وكذلك السلع الصناعية، وفقًا لأشخاص مطلعين على الأمر.

كما تضمن المقترح مجالات للتعاون بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، مثل الاستثمارات المتبادلة، والمشتريات الاستراتيجية في مجالات الطاقة والذكاء الاصطناعي والاتصال الرقمي.

لكن ظهرت مؤشرات على أن الولايات المتحدة غير راضية عن العرض. فقد صرّح وزير التجارة، هوارد لوتنيك، يوم الأربعاء خلال فعالية نظّمتها وكالة "أكسيوس" للأنباء، أن بعض المفاوضات التجارية أثبتت أنها "مستحيلة".

وقال لوتنيك: "مثل الاتحاد الأوروبي — من الصعب جدًا التوصل إلى اتفاق، لأنك تعلم، ألمانيا ترغب في إبرام صفقة، لكن لا يُسمح لها بذلك".

يمضي الاتحاد الأوروبي قدمًا في إعداد تدابير مضادة في حال فشلت المفاوضات في تحقيق نتائج مرضية. فقد وضع التكتل التجاري خططًا لفرض تعريفات جمركية إضافية على صادرات أمريكية تبلغ قيمتها 95 مليار يورو (ما يعادل 107 مليارات دولار)، ردًا على رسوم ترامب "المتبادلة" ورسوم بنسبة 25% على السيارات وبعض المكونات.

وكان الاتحاد الأوروبي قد وافق في وقت سابق من هذا الشهر على تأجيل تنفيذ مجموعة منفصلة من الرسوم الانتقامية ضد الولايات المتحدة لمدة 90 يومًا، وذلك ردًا على الرسوم التي فرضها ترامب بنسبة 25% على صادرات التكتل من الصلب والألمنيوم. وجاء هذا التحرك بعد أن خفّض ترامب ما يُعرف بمعدل الرسوم "المتبادلة" على معظم صادرات الاتحاد الأوروبي من 20% إلى 10% للفترة الزمنية نفسها.

وتتسابق الدول والتكتلات التجارية حاليًا لإبرام صفقات مع ترامب لتفادي الرسوم الجمركية المرتفعة.