
جميع البيانات المنشورة من الشركة لا تعد توصية من الشركة باتخاذ قرار استثماري معين،
والشركة غير مسئولة عن أي تبعات قانونية أو قرارات استثمارية أو خسائر تنتج عن استعمال هذه البيانات.
خبرة أكثر من 15 عام في التحليل الأساسي (الإخباري والاقتصادي) لأسواق المال العالمية ومتابعة تطورات الاقتصاد العالمي بالإضافة إلى قرارات البنوك المركزية
أطلق دونالد ترامب سلسلة من الاتفاقات الجمركية والمطالب عشية الموعد النهائي الذي حدده يوم الجمعة، شملت مفاجآت تتعلق بالهند والنحاس، حيث يحاول الرئيس الأمريكي إرساء نظام تجاري عالمي جديد.
ففي يوم الأربعاء، أعلن ترامب فرض رسوم جمركية بنسبة 15% على الواردات من كوريا الجنوبية، لتتساوى مع المعدل المفروض على جارتها اليابان، إلى جانب فرض ضريبة مؤلمة بنسبة 25% على الواردات من الهند، ترافق ذلك مع انتقادات لنيودلهي بسبب مشترياتها من الطاقة والأسلحة الروسية، ما يشكّل ضغطًا على رئيس الوزراء ناريندرا مودي.
وتلوح في الأفق اتفاقات مع كل من تايلاند وكمبوديا بعد موافقتهما على وقف إطلاق النار يوم الاثنين، وهو ما يدعم هدف ترامب في الظهور كـ"صانع سلام" عالمي. كما يجري إعداد اتفاق مع تايوان، حيث قال متحدث باسم الحكومة في تايبيه إن الجانبين "توصلا إلى درجة معينة من التوافق". من جهته، قال رئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم إن ترامب أبلغه بنيته الإعلان عن تعريفة جمركية يوم الجمعة.
وقال أنور أمام البرلمان: "نأمل أن تساعد هذه الإجراءات اقتصادنا، وألا تثقل كاهله كثيرًا".
وفي خطوة صدمت الأسواق، فرض ترامب قواعد جمركية جديدة على النحاس، ما أدى إلى هبوط قياسي في الأسعار في بورصة نيويورك، وذلك بعد استثناء أكثر أشكال المعدن تداولًا من رسوم قدرها 50%.
وتأتي هذه الحملة عشية الموعد النهائي في الأول من أغسطس، الذي هدّد فيه البيت الأبيض بفرض رسوم جمركية متبادلة على الدول التي لا تربطها اتفاقيات ثنائية مع الولايات المتحدة — وهي الغالبية. وقد صرّح ترامب بأن المعدلات الجمركية عالميًا ستتراوح ما بين 15% و50%، وهي سياسات يرى أنها ستُعيد التصنيع إلى الداخل الأمريكي وتزيد من إيرادات الحكومة وتمنحه في الوقت نفسه نفوذًا هائلًا على الدول التي تعتمد صادراتها على المستهلكين الأمريكيين.
قال روب سبارامان، كبير الاقتصاديين في شركة نومورا هولدينغز: "اليوم تلقينا سيلًا من التفاصيل، وينطبق علينا القول المأثور: 'لا ترى الغابة من كثرة الأشجار'". وأضاف: "عند النظر إلى الصورة الكاملة، نرى أن ترامب نفّذ إلى حدّ كبير تهديداته بشأن الرسوم الجمركية. ما يحدث الآن هو مجرد ضجيج كثير".
ارتفعت الأسهم الأوروبية مدعومة بنتائج إيجابية لشركات التكنولوجيا، إضافة إلى التفاؤل الذي دعم العقود الآجلة للأسهم الأمريكية. في المقابل، تراجعت الأسهم الآسيوية، وانخفضت عملات المنطقة إلى أدنى مستوياتها في شهرين.
ولا تزال معظم الدول دون اتفاق تجاري، وحتى الدول التي أبرمت اتفاقات تفتقر إلى التفاصيل الأساسية — مثل الإعفاءات المحتملة والوعود الاستثمارية والتعديلات الممكنة على قواعد المنشأ. وقد أدى هذا الغموض والتخبّط وسط عملية طرح طويلة لنظام ترامب التجاري الجديد إلى إضعاف النمو الاقتصادي العالمي والضغط على الاستثمارات، رغم استمرار حالة التفاؤل في الأسواق.
وقالت أليسيا غارسيا هيريرو، كبيرة الاقتصاديين لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ في "ناتيكسيس": "هذه الاتفاقات التي تُمرّر تحت ضغط الوقت ليست مؤشرًا جيدًا". وأضافت أن "الاندفاع نحو اتفاقات لتجنّب رسوم أعلى قد يكلّف هذه الاقتصادات أكثر على المدى الطويل".
وفي الوقت ذاته، لا تزال الأجواء بين الولايات المتحدة والصين إيجابية حتى الآن. إذ قال ترامب، في كلمة من البيت الأبيض يوم الأربعاء، إن بلاده ستبرم "اتفاقًا عادلًا جدًا مع الصين". وأفادت صحيفة الحزب الشيوعي الرسمية أن محادثات هذا الأسبوع في السويد عزّزت الثقة بين الطرفين، وأعطت دفعة لاحتمال تسوية النزاعات الاقتصادية عبر الحوار.
ولم تقتصر أخبار التجارة على الخارج، إذ أعلن ترامب أن الرسوم الجمركية ستُطبَّق بدءًا من 29 أغسطس على الشحنات منخفضة القيمة (أقل من 800 دولار)، المعروفة باسم de minimis، والتي استفاد منها المستهلكون ومتاجر التجزئة، كثير منها في الصين، التي تشحن المنتجات بشكل مباشر.
في المقابل، تلقّت البرازيل مفاجأة سارّة بعدما استُثني عدد كبير من سلعها من الرسوم الجديدة، ما عزّز أداء عملتها وأسهمها. كما أفادت وكالة "بلومبرج" أن ترامب سيجري محادثة هاتفية صباح الخميس مع نظيرته المكسيكية كلاوديا شينباوم، ما دفع البيزو المكسيكي إلى الارتفاع.
في حين، قال رئيس الوزراء الكندي مارك كارني، يوم الأربعاء، إن المحادثات مع الولايات المتحدة قد لا تُستكمل بحلول الموعد النهائي الذي حدده ترامب يوم الجمعة. وتضاءلت آمال التوصّل إلى اتفاق أفضل أكثر، بعد أن نشر ترامب على منصة "تروث سوشيال" منشورًا قال فيه إن قرار كندا بدعم إقامة دولة فلسطينية "سيجعل من الصعب جدًا إبرام اتفاق تجاري معها".
أما في ما يخص كوريا الجنوبية، فإن نسبة الـ15% من الرسوم تشمل السيارات، إلى جانب صندوق كوري جنوبي بقيمة 350 مليار دولار مخصص للاستثمار في الولايات المتحدة، بما يشمل قطاعي الطاقة وبناء السفن. ووفقًا لترامب، فإن هذه الاستثمارات، كما هو الحال مع اليابان، ستكون بإشراف مباشر منه. وأوضح وزير التجارة هوارد لوتنيك، في منشور على منصة "إكس"، أن 90% من أرباح كلا الصندوقين ستتدفق عائداتها إلى الولايات المتحدة.
أما الهند، فواجهت تهديدًا بفرض عقوبة إضافية لم تُحدَّد بعد، بسبب مشترياتها من الطاقة الروسية، وذلك فوق ضريبة جمركية بنسبة 25% على وارداتها إلى الولايات المتحدة. وهذا يعرّض مجموعة من الصناعات الهندية للخطر، بما في ذلك مصنّعو الملابس والمجوهرات.
ومن المرجّح أن يُطرح موضوع النفط الروسي خلال المحادثات المقبلة مع الصين، خاصة أن بكين أيضًا تستورد كميات كبيرة من الخام الروسي، الذي أصبح هدفًا للعقوبات الأمريكية منذ الغزو الروسي لأوكرانيا في عام 2022. ويُذكر أن أسعار النفط ظلت، يوم الخميس، قرب أعلى مستوياتها منذ ما يقرب من ستة أشهر.
تراجعت وتيرة شراء الذهب من قبل البنوك المركزية وصانعي الحُلي الذهبية خلال الربع الثاني من العام، بعدما دفعت المستويات القياسية المتتالية في الأسعار الجهات التي كانت تقود موجة الصعود السريع إلى تخفيف وتيرة الشراء.
فقد اشترت البنوك المركزية 166.5 طنًا من الذهب خلال فترة الأشهر الثلاثة، أي أقل بمقدار الثلث مقارنةً بالربع الأول، ليبلغ إجمالي مشترياتها في النصف الأول من العام أدنى مستوى منذ عام 2022، وذلك وفقًا لبيانات أُعدّت لصالح مجلس الذهب العالمي، وهو جهة تجارية. ومن المتوقع الآن أن يبلغ الطلب من البنوك المركزية لهذا العام نحو 815 طنًا.
وتُعد هذه المؤسسات من بين أبرز المحرّكات لصعود أسعار الذهب، التي قفزت بأكثر من 25% هذا العام مع تراجع الدولار أمام العملات الأخرى، وسعي المستثمرين إلى التحوّط من الحروب التجارية التي أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وبعد أن لامس الذهب مستوى قياسيًا بلغ 3500 دولار في أبريل، أصبح يتحرّك ضمن نطاق ضيّق، في ظل انتظار المتعاملين لمحفّزات جديدة تدفع الأسعار إلى مزيد من الصعود.
وقال جون ريد، الخبير الاستراتيجي في مجلس الذهب العالمي: "إذا كنت تستهدف تخصيص نسبة معينة من احتياطياتك من النقد الأجنبي في الذهب، فإن ارتفاع سعر الذهب بشكل كبير يقلل من الحافز على الشراء"، مضيفًا أن هذا الصعود السريع للأسعار ربما كبَحَ شهية بعض المسؤولين الذين يخشون من احتمالية تراجع الأسعار لاحقًا.
ومع ذلك، تُظهر استطلاعات رأي أُجريت بين البنوك المركزية أن وتيرة اكتناز الذهب مرشّحة للاستمرار. ففي أحد الاستطلاعات الأخيرة، قال 95% من هذه المؤسسات إنهم يتوقعون زيادة احتياطياتهم من الذهب خلال عام من الآن. وقد تضاعفت وتيرة الشراء بعد غزو أوكرانيا، بعدما سلط تجميد احتياطيات روسيا من العملات الأجنبية الضوء على مزايا الذهب كأداة للتحوّط من المخاطر السياسية.
وقال ريد: "لا أعتقد أن السردية الأساسية والدوافع التي تدفع البنوك المركزية لشراء الذهب قد تغيّرت".
لا يزال الطلب الإجمالي على الذهب مرتفعًا خلال الربع السنوي، ويرجع ذلك جزئيًا إلى عمليات شراء غير مرصودة في الأسواق خارج البورصة (OTC) . ومن حيث القيمة، لا يزال المستثمرون يشترون كميات أكبر من أي وقت مضى، نتيجة لارتفاع الأسعار. فقد قفز إجمالي مشتريات الذهب بنسبة 45% على أساس سنوي إلى 132 مليار دولار، وفقًا لحسابات مجلس الذهب العالمي.
وقد أدت تداعيات الحرب التجارية، وخصوصًا على الصين، إلى إعادة تشكيل عميق في ملامح أهم سوق للذهب في العالم. فقد انخفض الطلب على الحُلي الذهبية في البر الرئيسي للصين بنسبة 45% مقارنةً بالربع السابق، في حين ظل الطلب على سبائك الذهب والعملات الذهبية للاستثمار متماسكًا نسبيًا.
وتراجع الطلب العالمي على المجوهرات الذهبية في الربع الثاني إلى أدنى مستوياته منذ عام 2020، وذلك مع دفع الأسعار المرتفعة المستهلكين إلى الإحجام عن الشراء أو التوجّه نحو قطع أخف وزنًا. ومع ذلك، وبفضل الارتفاع الحاد في الأسعار، بلغت القيمة الإجمالية للمجوهرات الذهبية المُشتراة خلال الفترة مستوى أعلى بنسبة الخُمس مقارنةً بالعام السابق.
أبقى مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة دون تغيير، لكنهم خفّضوا تقييمهم للاقتصاد الأمريكي، في إشارة إلى أن صانعي السياسات قد يقتربون من خفض تكاليف الاقتراض.
وقال المسؤولون في بيان عقب الاجتماع: "رغم أن تقلبات صافي الصادرات لا تزال تؤثر على البيانات، تشير المؤشرات الأخيرة إلى أن نمو النشاط الاقتصادي تباطأ في النصف الأول من العام". وكان الاحتياطي الفيدرالي قد وصف النمو سابقًا بأنه "يتوسع بوتيرة قوية".
وصوّتت اللجنة الاتحادية للسوق المفتوحة (الفومك) بأغلبية 9 مقابل 2 يوم الأربعاء للإبقاء على سعر الفائدة القياسي في نطاق يتراوح بين 4.25% و4.5%، وهو ما فعلته في جميع اجتماعاتها هذا العام. وقد صوّت العضوان كريستوفر والر وميشيل بومان ضد القرار، لصالح خفض بمقدار ربع نقطة مئوية.
وقلصت عوائد السندات الأمريكية مكاسبها، بينما حافظ مؤشرا "اس آند بي 500" والدولار على ارتفاعهما بعد القرار.
رأى معظم صانعي السياسة بضرورة تأجيل الاحتياطي الفيدرالي خفض أسعار الفائدة لتقييم تأثير الرسوم الجمركية على التضخم. وقد شدد عدد منهم أيضًا على أن قوة سوق العمل أتاحت لهم التحلي بالصبر.
قرار اللجنة بالإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير مرة أخرى يُعد تحديًا صريحًا للضغوط المكثفة التي يمارسها الرئيس دونالد ترامب من أجل خفضها. فقبل لحظات من صدور القرار، توقّع ترامب أن يقوم الاحتياطي الفيدرالي بخفض الفائدة في سبتمبر، ووجّه مجددًا انتقادات للبنك المركزي بسبب ما اعتبره تأخّرًا في التحرك.
وسيعقد رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول مؤتمرًا صحفيًا في الساعة 2:30 ظهرًا بتوقيت واشنطن (9:30 مساءً).
وفي بيانهم، كرر مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي تأكيدهم على أن سوق العمل لا يزال "قويًا" وأن التضخم "لا يزال مرتفعًا بعض الشيء".
وقد حذف البيان الملاحظة السابقة التي أشارت إلى تراجع حالة عدم اليقين بشأن التوقعات الاقتصادية، وإنما أعاد التأكيد على أن حالة عدم اليقين "لا تزال مرتفعة".
ويُعد رفض والر وبومان لهذا القرار أول مرة منذ عام 1993 يُسجَّل فيها اعتراض اثنين من أعضاء مجلس محافظي البنك على قرار للجنة. وتتكوّن اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة من سبعة محافظين وخمسة من رؤساء البنوك الفرعية للفيدرالي البالغ عددها اثني عشر.
وكان والر قد اعترض في مارس الماضي على قرار اللجنة بإبطاء وتيرة تقليص ميزانية للبنك، فيما عارضت بومان في سبتمبر الماضي خفضًا بمقدار نصف نقطة مئوية، مفضّلةً خفضًا أقل بمقدار ربع نقطة.
تأثير الرسوم الجمركية
منذ شهور، يستعد مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي لاحتمال ارتفاع البطالة والتضخم نتيجة سلسلة من الرسوم الجمركية المرتفعة للغاية التي فرضتها إدارة ترامب.
وقد أظهرت بيانات نُشرت يوم الأربعاء أن الناتج المحلي الإجمالي ارتفع بنسبة سنوية قدرها 3% في الربع الثاني، بعد انكماش بمعدل 0.5% في الفترة السابقة. وجاء هذا التحوّل الكبير إلى حدٍّ بعيد نتيجة تسريع عمليات الاستيراد في الربع الأول، تحسّبًا للرسوم. وسجّل الإنفاق الاستهلاكي أبطأ وتيرة نمو لفصلين متتاليين منذ بداية جائحة كورونا.
لكن حتى الآن، لم تُظهر الرسوم الجمركية تأثيرًا ملموسًا على بيانات التضخم أو التوظيف.
فقد جاء التضخم في يونيو دون التوقعات للشهر الخامس على التوالي، رغم ارتفاع أسعار بعض السلع الخاضعة مباشرة للرسوم، مثل الألعاب والملابس والإلكترونيات. وفي المقابل، تراجع معدل البطالة إلى 4.1%، مدفوعًا بتراجع المعروض من اليد العاملة نتيجة حملة الإدارة على الهجرة.
ومع ذلك، حذّر والر من أن بيانات التوظيف في القطاع الخاص تُظهر مؤشرات على الضعف، وهو ما شكّل أحد دوافع اعتراضه على قرار اللجنة.
ورغم تصويتهما ضد قرار اللجنة يوم الأربعاء، فإن والر وبومان قد لا يكونان بعيدين كثيرًا عن توجهات عدد من المسؤولين الآخرين. ففي يونيو، أظهرت توقعات أسعار الفائدة أن اثنين من صناع السياسات توقّعا ثلاث عمليات خفض هذا العام، بينما رجّح ثمانية آخرون حدوث خفضين.
وكانت توقعات المستثمرين لخفض الفائدة في هذا الاجتماع منخفضة للغاية، لكن العقود الآجلة لأسعار الفائدة تُظهر أن الأسواق ترى احتمالًا بنحو 60% لخفض الفائدة في سبتمبر.
تراجعت فرص العمل الشاغرة في الولايات المتحدة في يونيو، بعد أن قفزت في كل من الشهرين السابقين، مما يبقي المستوى الإجمالي في نطاق مستقر في آخر 12 شهراً والذي يشير إلى طلب مستقر بوجه عام على العمالة.
وأظهرت بيانات صادرة يوم الثلاثاء عن مكتب إحصاءات العمل أن عدد الوظائف الشاغرة انخفض إلى 7.44 مليون فرصة، مقابل قراءة معدلة قدرها 7.71 مليون في مايو. وقد جاءت الأرقام أقل من التقديرات التي أشارت إلى 7.5 مليون فرصة، وفقًا لاستطلاع أجرته بلومبرج.
وشمل التراجع في عدد الفرص المتاحة قطاعات متعددة، أبرزها: خدمات الإقامة والمطاعم والرعاية الصحية والتمويل والتأمين
يدعم هذا التقرير التقييمات التي تقول إن سوق العمل الأمريكي يشهد تباطؤًا تدريجيًا، لا انهيارًا حادًا. فرغم التراجع، لا تزال مستويات الوظائف الشاغرة أعلى من متوسط ما قبل الجائحة، مما يدل على أن الطلب على العمالة لا يزال قائمًا بشكل معقول. ومع ذلك، فإن وتيرة التوظيف تباطأت، ويستغرق الباحثون عن عمل وقتًا أطول للحصول على وظائف جديدة.
وسيكون وضع سوق العمل محورًا مهمًا في اجتماع الاحتياطي الفيدرالي الذي يُختتم يوم الأربعاء. وكان رئيس المجلس، جيروم باول، قد وصف سوق العمل بأنه "قوي"، واستشهد بعدم اليقين حول الأثر التضخمي للرسوم الجمركية كمبرر للإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير.
ومن المتوقع على نطاق واسع أن يُبقي البنك على أسعار الفائدة دون تغيير مجدداً هذه المرة، لكن من المحتمل أن تظهر أصوات معارضة من بعض الأعضاء الذين يرغبون في دعم سوق العمل الذي بدأ يظهر علامات على التباطؤ. وقد يتّضح ذلك بشكل أكبر مع صدور تقرير الوظائف لشهر يوليو يوم الجمعة، والمتوقع أن يُظهر نموًا أبطأ في الوظائف وارتفاعًا في معدل البطالة.
ارتفعت ثقة المستهلك الأمريكي في يوليو، بعد تراجعها في الشهر السابق، مع تلاشي المخاوف بشأن توقعات الاقتصاد ككل وسوق العمل.
وأظهرت بيانات صادرة يوم الثلاثاء عن مؤسسة "كونفرنس بورد" أن مؤشر الثقة ارتفع بنقطتين ليصل إلى 97.2، متجاوزًا التوقعات التي كانت تشير إلى قراءة عند 96، وفقًا لمتوسط تقديرات الاقتصاديين.
وارتفع مؤشر يقيس التوقعات للأشهر الستة المقبلة إلى 74.4، وهو أعلى مستوى منذ فبراير، في حين تراجع مؤشر الأوضاع الراهنة إلى 131.5.
وهدأت مخاوف المستهلكين بشأن التضخم والاقتصاد الأمريكي بعد أن وقّع الرئيس دونالد ترامب في وقت سابق من هذا الشهر على مشروع قانون الموازنة الضخم الذي جعل التخفيضات الضريبية التي تم إقرارها عام 2017 دائمة، وشجّع على استثمار الشركات.
ورغم هذا التحسّن، لا يزال المؤشر دون مستويات ما قبل الجائحة، كما أن الرسوم الجمركية المرتفعة على الواردات قد تُبقي على التضخم عند مستويات مرتفعة، في وقت يشهد فيه سوق العمل بعض التباطؤ.
وقالت ستيفاني غيشار، كبيرة الاقتصاديين في مجلس المؤتمرات، في بيان: "رغم تفاؤل بعض المستهلكين بالتأثيرات الاقتصادية الإيجابية للتشريع الجديد، عبّر آخرون عن قلقهم... ومع ذلك، لم يكن مشروع القانون وتداعياته من أبرز القضايا التي ركّز عليها المستهلكون خلال يوليو".
ارتفعت نسبة الأمريكيين الذين قالوا إن العثور على وظيفة أصبح صعبًا إلى 18.9%، وهو أعلى مستوى في أربع سنوات. وفي الوقت نفسه، زادت أيضًا نسبة من قالوا إن الوظائف وفيرة، ولكن بوتيرة أقل.
ويُعد الفارق بين هذين المؤشرين — أي بين من يرون أن الوظائف "صعبة المنال" ومن يرون أنها "متوفرة" — مقياسًا يراقبه الاقتصاديون عن كثب لتقييم أوضاع سوق العمل. وقد سجّل هذا الفارق أدنى مستوى له منذ مارس 2021.
انكمش العجز الأمريكي في تجارة السلع في يونيو بأكثر من التوقّعات، في ظلّ تراجع واسع في الواردات مع انحسار موجة الاستيراد الاستباقي قبل فرض الرسوم الجمركية.
أظهرت بيانات وزارة التجارة الأمريكية الصادرة يوم الثلاثاء أن العجز في تجارة السلع تقلّص بنسبة 10.8% مقارنة بالشهر السابق إلى 86 مليار دولار، وهو رقم غير معدل حسب التضخم، وجاء أقل من جميع التقديرات في استطلاع أجرته بلومبرج لآراء الاقتصاديين.
وانخفضت الواردات بنسبة 4.2% إلى 264.2 مليار دولار، بما في ذلك أدنى قيمة لشحنات السلع الاستهلاكية منذ سبتمبر 2020. كما تراجعت واردات الإمدادات الصناعية والسيارات. في المقابل، انخفضت صادرات السلع الأمريكية بنسبة 0.6%.
وستساعد هذه الأرقام الاقتصاديين على تعديل تقديراتهم لمدى مساهمة صافي الصادرات في دعم الناتج المحلي الإجمالي للربع الثاني، والذي من المقرر صدوره يوم الأربعاء. فمن المتوقع أن تتلاشى التشوّهات في التجارة التي أدت إلى انكماش الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأول.
وكانت الزيادة الضخمة في الواردات من قبل الشركات الأمريكية في محاولة لتفادي الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس دونالد ترامب قد تسببت في اقتطاع 4.61 نقطة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي خلال الفترة من يناير إلى مارس.
وقد انكمش الاقتصاد خلال الربع الأول بمعدل سنوي قدره 0.5%. وقبل صدور بيانات التجارة الأخيرة، كانت توقعات بنك الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا تشير إلى نمو بنسبة 2.4% خلال الربع السنوي من أبريل إلى يونيو، مع مساهمة صافي الصادرات بإضافة 3.31 نقطة مئوية.
وإلى جانب بيانات تجارة السلع، أظهر تقرير المؤشرات الاقتصادية الرائدة أن مخزونات التجزئة ارتفعت بنسبة 0.3% الشهر الماضي، مدفوعة بزيادة كبيرة في مخزونات وكلاء السيارات، بينما ارتفعت مخزونات تجار الجملة بنسبة 0.2%.
ولا تزال الشركات الأمريكية المصنعة تواجه حالة من عدم اليقين بسبب تغيرات ترامب المتكررة في السياسة الجمركية. وبينما توصل بعض الشركاء التجاريين تجارياً إلى اتفاقيات مع الولايات المتحدة، فإن دولاً أخرى تواجه مهلة نهائية يوم الجمعة لإبرام اتفاقات مع إدارة ترامب، وإلا ستواجه زيادات كبيرة في الرسوم الجمركية.
يُذكر أن ترامب جعل من الرسوم الجمركية ركيزة أساسية في استراتيجيته لتعزيز الإنتاج المحلي وزيادة الصادرات بهدف تقليص العجز التجاري مع شركاء الولايات المتحدة وجمع إيرادات إضافية للدولة وتعزيز الأمن القومي.
يُنتظر صدور الأرقام الكاملة لميزان التجارة لشهر يونيو، والتي تشمل أيضاً ميزان الخدمات، في الخامس من أغسطس.
تراجعت أسعار الذهب إلى أدنى مستوى لها في نحو ثلاثة أسابيع يوم الإثنين، بعدما أدّى الاتفاق التجاري بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى دعم الدولار وتحسين شهية المخاطرة في الأسواق، بينما يترقّب المستثمرون إشارات جديدة بشأن سياسة أسعار الفائدة من اجتماع بنك الاحتياطي الفيدرالي هذا الأسبوع.
وانخفض سعر الذهب في المعاملات الفورية 1% إلى 3304.87 دولارًا للأونصة بحلول 1410 بتوقيت غرينتش، مسجّلًا أدنى مستوى له منذ 9 يوليو.
كما تراجعت العقود الآجلة الأمريكية للذهب 0.6% إلى 3320.20 دولارًا للأونصة.
وارتفع مؤشر الدولار الأمريكي إلى أعلى مستوى له في أسبوع، مما جعل الذهب المقوّم بالدولار أكثر تكلفة على حائزي العملات الأخرى.
وقال المحلل في شركة "ماركس"، إدوارد ماير: "أعتقد أن كلما زادت الإعلانات التجارية، زاد دعم الدولار. هذه الصفقات الجمركية تُعتبر مواتية للعملة الأمريكية، مما يقلل من جاذبية الذهب ويؤدي إلى بيعه في ظل تحسّن معنويات المخاطرة".
وجاء الاتفاق بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والمفوضية الأوروبية خلال عطلة نهاية الأسبوع، حيث تم فرض رسوم جمركية بنسبة 15% على السلع الأوروبية، أي نصف المعدّل الذي كان مهددًا في البداية، ما خفّف من المخاوف بشأن اندلاع حرب تجارية أوسع.
وجاء هذا الاتفاق بعد اتفاق الأسبوع الماضي بين الولايات المتحدة واليابان، فيما من المقرّر أن تستأنف واشنطن وبكين محادثاتهما في ستوكهولم اليوم الإثنين، بهدف تمديد الهدنة التجارية بينهما لمدة 90 يومًا إضافية.
إلا أن ممثلًا تجاريًا أمريكيًا أشار إلى أنه لا يُتوقّع تحقيق انفراجة كبيرة في المحادثات مع الصين، موضحًا أن النقاشات ستركّز على مراقبة تنفيذ الالتزامات القائمة.
وقال ماير: "لا نرى هبوطًا حادًا في أسعار الذهب لأن هذه الاتفاقات قد تُثبت في نهاية المطاف أنها صعبة التطبيق أو غير واقعية".
ويُتوقّع أن يُبقي الاحتياطي الفيدرالي على سعر الفائدة الأساسي ضمن النطاق الحالي البالغ 4.25% – 4.50%، عندما يختتم اجتماعه الذي يستمر يومين يوم الأربعاء.
دافعت العواصم الأوروبية عن الاتفاق التجاري الذي تم التوصل إليه مع الرئيس دونالد ترامب، والذي سيقبل بموجبه الاتحاد الأوروبي فرض رسوم جمركية بنسبة 15% على معظم صادراته إلى الولايات المتحدة، في حين سيتم خفض الرسوم على بعض المنتجات الأمريكية إلى صفر.
وأشادت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين، التي التقت ترامب في نادي الغولف الخاص به في تيرنبيري باسكتلندا، يوم الأحد، بالاتفاق لما يوفره من استقرار ويقين بالنسبة للشركات والمستهلكين. وأقرت فون دير لايين بأن الاتفاق ينحاز إلى الولايات المتحدة، لكنها حثّت الصحفيين على "عدم نسيان من أين بدأنا"، في إشارة إلى التهديدات السابقة التي أطلقها ترامب بفرض رسوم جمركية قد تصل إلى 50%.
وقد شكّل خفض النسبة مصدر ارتياح للدول الأعضاء التي تعتمد على التصدير، وخاصة ألمانيا، التي صدّرت سيارات جديدة وقطع غيار إلى الولايات المتحدة بقيمة 34.9 مليار دولار في عام 2024.
قال المستشار الألماني فريدريش ميرتس في بيان مساء الأحد: "لقد نجح الاتفاق في تجنب نشوب صراع تجاري كان من شأنه أن يوجّه ضربة قاسية لاقتصاد ألمانيا القائم على التصدير". وأضاف: "تمكّنا من حماية مصالحنا الأساسية، وإن كنتُ أتمنى رؤية مزيد من التخفيف في التجارة عبر الأطلسي".
وبحسب تقديرات "بلومبرج إيكونوميكس"، فبدون هذا الاتفاق، كان من المتوقع أن يرتفع متوسط معدلات الرسوم الجمركية الفعلية في الولايات المتحدة إلى نحو 18% اعتبارًا من الأول من أغسطس، مقارنة بـ13.5% بموجب السياسات الحالية. أما بموجب الاتفاق الجديد، فستنخفض هذه النسبة إلى 16%.
وقبل أحدث جولة من المواجهة التجارية التي خاضها ترامب، قدّرت المفوضية الأوروبية أن متوسط الرسوم الجمركية على الجانبين كان يدور حول 1% فقط.
ويزيح هذا الاتفاق خطرًا كبيرًا يهدّد الأسواق والاقتصاد العالمي، لا سيما في ظل بلوغ حجم التجارة العابرة للأطلسي بين الشريكين الأوروبي والأمريكي نحو 1.7 تريليون يورو (تريليوني دولار) في عام 2024. وقد ارتفعت الأسهم الأوروبية والعقود الآجلة للأسهم الأمريكية يوم الإثنين، وسجّل مؤشر "ستوكس 600" الأوروبي مكاسب بنسبة 0.7%.
لكن مسؤولين في قطاع الصناعة في ألمانيا حذروا من أن الاتفاق يترك صناعة السيارات مكشوفة، وقد يجعل الشركات الأوروبية أقل قدرة على المنافسة.
وقال فولفغانغ نيدرمارك، عضو المجلس التنفيذي لاتحاد الصناعات الألماني BDI: "الاتفاق يمثل تسوية غير كافية ويوجه إشارة كارثية إلى الاقتصادات المترابطة على جانبي الأطلسي". وأضاف: "الاتحاد الأوروبي يوافق على رسوم موجعة. حتى رسوم جمركية بنسبة 15% ستكون لها عواقب سلبية هائلة على الصناعة الألمانية المعتمدة على التصدير".
أما فرنسا، التي اتبعت نهجًا أكثر تشدّدًا في المفاوضات، فقد شدّدت على ما يوفره الاتفاق من استقرار، لكنها أوصت أيضًا بتفعيل أداة الاتحاد الأوروبي لمكافحة الإكراه، وهي خطوة من شأنها أن تطلق حملة انتقامية واسعة ضد الولايات المتحدة، تشمل استهداف شركات التكنولوجيا الأمريكية ومنع الشركات الأمريكية من المشاركة في مشاريع المشتريات العامة داخل أوروبا.
وقال وزير الشؤون الأوروبية الفرنسي، بنجامين حداد، في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي: "دعونا نكون واضحين: الوضع الحالي غير مرضٍ ولا يمكن أن يستمر". وأضاف: "التجارة الحرة التي جلبت الازدهار المشترك لطرفي الأطلسي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، ترفضها اليوم الولايات المتحدة، التي تختار سياسة الإكراه الاقتصادي وتتجاهل تمامًا قواعد منظمة التجارة العالمية".
قالت وزيرة التجارة الخارجية الهولندية، هانيكه بورما، إن الاتفاق "ليس مثالياً"، ودعت المفوضية الأوروبية إلى مواصلة التفاوض مع الولايات المتحدة.
اتخذ رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، الذي لطالما شكّل مصدر إزعاج لمؤسسات بروكسل، موقفًا أكثر تشدّدًا، موجّهًا انتقادات جزئية لأورسولا فون دير لاين، بينما أثنى على الرئيس الأمريكي.
وقال أوربان في مقابلة عبر الإنترنت مع أحد المؤثرين الموالين للحكومة يوم الإثنين: "من الواضح أن هذا ليس اتفاقًا أبرمه دونالد ترامب مع أورسولا فون دير لاين". وأضاف ساخرًا: "دونالد ترامب التهم أورسولا فون دير لايين على الإفطار. الرئيس الأمريكي مفاوض من الوزن الثقيل، أما السيدة الرئيسة فهي من وزن الريشة".
قال رئيس الوزراء السلوفاكي روبرت فيكو، الذي غالبًا ما ينضم إلى فيكتور أوربان في انتقاد الاتحاد الأوروبي، إن نسبة الـ15% تمثّل "نتيجة تفاوضية جيدة"، لكنه حذّر في الوقت نفسه من أن "الشيطان يكمن في التفاصيل".
وتُعد صناعة السيارات في سلوفاكيا ركيزة أساسية للاقتصاد، إذ تُمثّل نحو 10% من الناتج المحلي الإجمالي، وتستضيف البلاد مصانع تابعة لشركات مثل فولكس فاجن وستيلانتيس وكيا وجاجوار لاند روفر، إضافة إلى شبكة واسعة من المورّدين.
وعادةً ما تستغرق الاتفاقات التجارية سنوات من التفاوض، وقد تشمل آلاف الصفحات. لكن الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة جاء خاليًا تقريبًا من التفاصيل، ولم يتم حتى الآن إصدار أي وثائق مكتوبة توضح بنوده.
وكتب كارستن نيكل، نائب مدير الأبحاث في شركة "تينيو" للاستشارات، في مذكرة: "التركيز سيتحوّل الآن إلى مسائل التأويل ومخاطر التنفيذ، ما يطرح مزيجًا من المسائل السياسية والفنية". وأضاف: "وبالنظر إلى طبيعة الاتفاق، فمن المرجّح أن تستمر حالة عدم اليقين لفترة طويلة".
قال الرئيس دونالد ترامب إن الاتحاد الأوروبي وافق على شراء منتجات طاقة أمريكية بقيمة 750 مليار دولار، والاستثمار في الولايات المتحدة بـ600 مليار دولار إضافية فوق الإنفاق القائم، وفتح أسواق الدول الأعضاء أمام التجارة مع الولايات المتحدة بدون رسوم جمركية، وشراء "كميات هائلة" من المعدات العسكرية الأمريكية.
ووفقًا لأشخاص مطّلعين على الأمر، فإن العامل الحاسم في تضمين الأدوية وأشباه الموصلات ضمن فئة الرسوم الجمركية بنسبة 15%، كان تعهّد التكتل الأوروبي بالقيام باستثمارات أمريكية واسعة.
ووصف كليمنس فوست، رئيس معهد إيفو الألماني للبحوث الاقتصادية، الاتفاق بأنه "إذلال" يعكس اختلال ميزان القوى بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
وقال فوست على وسائل التواصل الاجتماعي: "على الأوروبيين أن يستفيقوا، ويركّزوا أكثر على قوتهم الاقتصادية، ويقللوا من اعتمادهم العسكري والتكنولوجي على الولايات المتحدة. عندها فقط يمكنهم إعادة التفاوض".
أما رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا بايرو، فكانت كلماته أكثر حدّة عند حديثه عن الاتفاق الجديد، إذ كتب على وسائل التواصل الاجتماعي: "إنه يوم مظلم عندما تختار تحالفات الشعوب الحرة، التي توحّدت لتأكيد قيمها والدفاع عن مصالحها، طريق الخضوع".
تهاوت أسهم شركة "بوما" بنسبة وصلت إلى 19% بعد أن خفّضت العلامة التجارية الألمانية توقعاتها للأرباح بسبب ضعف الطلب على منتجاتها الرياضية وتزايد المخاوف من تأثير الرسوم الجمركية الأمريكية.
وهذا ثالث هبوط عنيف تتعرض له أسهم الشركة هذا العام، في وقت تحاول فيه إعادة بناء نفسها تحت قيادة رئيس تنفيذي جديد تولى المنصب هذا الشهر، خلفًا لسلفه الذي فاته قطار موضة الأحذية الرياضية الكلاسيكية التي ساعدت شركة "أديداس" المنافسة على تحقيق مكاسب كبيرة. إذ فشل حذاء "سبيد كات"Speedcat ذو النعل الرقيق من" بوما" في جذب اهتمام المستهلكين في أوروبا وأمريكا الشمالية، مقارنة بالنجاح الكبير الذي حققه حذاء "سامبا" Samba من أديداس.
وتتوقع "بوما" الآن أن تسجّل خسارة هذا العام، في تحول حاد عن توقعاتها السابقة التي كانت تشير إلى أرباح تصل إلى 600 مليون يورو (705 ملايين دولار)، مما يعكس التحديات التي يواجهها الرئيس التنفيذي الجديد آرثر هولد.
وشهدت الأسهم أكبر تراجع لها خلال جلسة واحدة منذ مارس، ما أدى إلى محو نحو 700 مليون يورو من القيمة السوقية للشركة. وبذلك تكون أسهم" بوما" قد خسرت نحو 55% من قيمتها منذ بداية العام.
وقال هولد في اتصال مع الصحفيين إن ما تبقى من عام 2025 سيكون بمثابة "إعادة ضبط للعلامة التجارية"، مؤكدًا أن الاستراتيجية الحالية "لن تستمر". وأضاف أنه سيقدّم استنتاجاته الأولية بشأن توجه الشركة بحلول أكتوبر، مشيرًا إلى أن عام 2026 سيكون بمثابة "عام انتقالي".
قال هولد: "لدينا إمكانات هائلة مع علامة تجارية لم يتم استغلالها بعد، لكنها أيضًا علامة تحتاج إلى إعادة ضبط ومسار جديد نحو المستقبل".
وأضاف أنه سيقضي الأسابيع المقبلة في لقاءات مع الموظفين وتجار التجزئة وشركاء العلامة التجارية والمستثمرين، من أجل التعمق في فهم ما الذي أخفقت فيه الاستراتيجية السابقة لبوما بالضبط.
منذ توليه منصبه في بوما في الأول من يوليو، بدأ آرثر هولد عملية إعادة هيكلة لعلامة تجارية عانت من صعوبة في التواصل مع المستهلكين وفقدت ثقة المستثمرين. وقد جاء هولد، الذي عمل في السابق لدى شركة أديداس، خلفًا للرئيس التنفيذي السابق آرنه فروندت، الذي غادر منصبه بعد سلسلة من التحذيرات بشأن الأرباح وخلاف مع مجلس الإشراف حول استراتيجية الشركة.
وأشارت" بوما"إلى تراجع المبيعات في كل من أمريكا الشمالية وأوروبا والصين الكبرى خلال الربع الثاني، وتوقعت استمرار هذا الاتجاه حتى نهاية العام، مما يؤدي إلى تراكم كبير في المخزون. كما جاءت نتائج الشركة دون التوقعات سواء في المبيعات أو الأرباح خلال الربع الثاني.
وباتت الشركة تتوقع الآن تراجع المبيعات المعدّلة حسب أسعار الصرف بالحد الأدنى لخانة العشرات (أي بين 10% و13%) خلال هذا العام، بعدما كانت تتوقع سابقًا نموًا طفيفًا.
كما تتوقع "بوما"أن تؤدي الرسوم الجمركية الأمريكية إلى تقليص أرباحها الإجمالية هذا العام بنحو 80 مليون يورو.
وقال جيمس غرزينيك، المحلل في جيفريز Jefferies، في مذكرة بحثية إن نشاط البيع بالجملة لدى" بوما" انكمش بنسبة 6% في الربع الثاني، وهو تراجع كبير لم يتمكن قطاع البيع المباشر للمستهلك من تعويضه، رغم أدائه الأفضل. وأضاف أن التوقعات الجديدة تشير إلى أن المبيعات ستتراجع بنسبة تقارب 20% في النصف الثاني من هذا العام.
أما مونيك بولارد، المحللة لدى سيتي Citi، فقالت إن نمو مبيعات قطاع البيع المباشر للمستهلك بنسبة 9% خلال الربع ربما يعود إلى حملة ترويجية قوية، ومن المرجح أن تستمر هذه الاستراتيجية في الأشهر المقبلة مع محاولة الشركة التخلّص من فائض المخزون.
من جهته، وصف يورغ فيليب فري، المحلل في Warburg Research، النظرة المستقبلية الجديدة بأنها تمثل "حمامًا باردًا"، في إشارة إلى التخفيض الحاد للتوقعات من قبل هولد. وأضاف أن تراجع مبيعات "بوما"في أوروبا تحديدًا شكّل مفاجأة كبيرة.
كانت "بوما" تعوّل بشكل كبير هذا العام على قدرتها في بيع ما بين أربعة إلى ستة ملايين زوج من حذاء "سبيد كات" ذو النعل الرقيق، إلى جانب نماذج مشابهة مثل أحذية "باليت" Ballet. وكان هذا التوجه جزءًا من جهود أوسع قادها الرئيس التنفيذي السابق آرنه فروندت لتعزيز حضور بوما في سوق الأحذية الرياضية الراقية والمعدات الرياضية الفاخرة.
قال المدير المالي لشركة بوما، ماركوس نويبراند، في اتصال مع وسائل الإعلام إن هذه النماذج، رغم أنها حظيت ببعض الاهتمام في أجزاء من آسيا وفي المدن الكبرى، فإنها فشلت في جذب اهتمام الجماهير الواسعة.
وتعاني "بوما" منذ سنوات في إطلاق منتج يواكب روح العصر ويُحدث صدى في السوق، في حين أن منافستها المحلية أديداس تفوقت في هذا المجال، خصوصًا من خلال أحذيتها الكلاسيكية مثل Samba وGazelle . وكان آرثر هولد، الرئيس التنفيذي الحالي ل "بوما"، قد شارك في الإشراف على إطلاق تلك الأحذية أثناء عمله في أديداس خلال السنوات الماضية.
ورغم أن بعض المحللين رحّبوا بتعيين هولد في منصب الرئيس التنفيذي، إلا أنهم حذروا من أن تغيير استراتيجية "بوما" قد يستغرق عدة أشهر، وقد يتطلب الأمر وقتًا أطول قبل أن يتمكن هولد من طرح منتجات جديدة في السوق.