
جميع البيانات المنشورة من الشركة لا تعد توصية من الشركة باتخاذ قرار استثماري معين،
والشركة غير مسئولة عن أي تبعات قانونية أو قرارات استثمارية أو خسائر تنتج عن استعمال هذه البيانات.
يبدو أن الرئيس فلاديمير بوتين قد حقق مكسباً دبلوماسياً طالما سعى إليه لسنوات، من خلال صفقة خط أنابيب ضخمة ستربط روسيا والصين لعقود مقبلة، وقد تعيد رسم خريطة تجارة الغاز العالمية.
رئيس شركة "غازبروم" الروسية، متحدثاً إلى وسائل الإعلام الروسية في بكين، قال إن عملاق الغاز وقّع اتفاقاً ملزماً قانونياً لبناء خط أنابيب "قوة سيبيريا 2" المنتظر منذ فترة طويلة، لنقل الغاز إلى الصين عبر منغوليا. ورغم أن بكين لم تؤكد التفاصيل بعد، فإن إحراز أي تقدم في هذا المشروع يُعد انتصاراً دبلوماسياً لبوتين، في وقت تكافح فيه موسكو تداعيات العقوبات الغربية.
وجاء الإعلان بينما كان الرئيس الصيني شي جين بينغ ونظيره الروسي بوتين يتبادلان أجواء ودية على فنجان شاي في بكين يوم الثلاثاء. شي رحّب ببوتين واصفاً إياه بـ "الصديق القديم"، وأضاف أن العلاقات بين الصين وروسيا "صمدت أمام اختبار تغير الظروف الدولية". وردّ بوتين شاكراً على الاستقبال الحار، مؤكداً أن العلاقات الروسية-الصينية "عند مستوى غير مسبوق".
كما أعلنت الصين يوم الثلاثاء أن المواطنين الروس الحاملين لجوازات السفر العادية سيُسمح لهم بدخول البلاد من دون تأشيرة في إطار تجربة جديدة، وهي خطوة يُتوقع أن تعزز السياحة ورحلات الأعمال بنسبة تتراوح بين 30% و40%، وفقاً لمجموعة ضغط روسية.
منذ الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا مطلع عام 2022، كثّف شي وبوتين جهود التقارب بين بلديهما. ويستغل شي اجتماع منظمة شنغهاي للتعاون الأمني وعرضاً عسكرياً ضخماً في العاصمة الصينية هذا الأسبوع لتعزيز العلاقات مع بوتين وزعماء دول أخرى، خاصة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي.
يأتي هذا التحرك الدبلوماسي بعد أن فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رسوماً جمركية على صادرات دول عدة حول العالم، بما في ذلك الصين والهند.
كما أن اتفاق بكين على شراء مزيد من الغاز الروسي يُعد بمثابة صفعة لترامب، الذي فرض قبل أيام فقط رسوماً بنسبة 50% على السلع الهندية، عقاباً لها على مشترياتها من النفط الروسي.
وقد عادت العلاقات المتنامية بين بكين وموسكو بالنفع على الجانبين، فيما لا تزال روسيا تكافح تبعات العقوبات الغربية المفروضة عليها بسبب هجومها على أوكرانيا. ووفقاً لبيانات الجمارك الصينية، ارتفع حجم التجارة الثنائية إلى مستوى قياسي بلغ 245 مليار دولار في عام 2024، بزيادة قدرها 68% مقارنة بعام 2021.
لكن إحراز تقدم في مشروع "قوة سيبيريا 2" سيشكّل معياراً جديداً لقوة العلاقات بين البلدين. فقد ظلت المناقشات بشأن هذا المشروع العملاق متوقفة لسنوات. وبينما كانت روسيا متحمسة لدفعه قدماً لتعويض انخفاض إمداداتها إلى أوروبا عقب غزو أوكرانيا، أبدت الصين قدراً أكبر من الحذر، إذ يشهد الطلب على الغاز تباطؤاً، كما أن بكين تتوجس من الوقوع في اعتماد مفرط على مورد واحد.
في تصريحات لوكالات أنباء روسية من بكين، قال الرئيس التنفيذي لشركة غازبروم أليكسي ميلر إن المنتج الروسي قد يصدّر ما يصل إلى 50 مليار متر مكعب سنوياً عبر خط أنابيب قوة سيبيريا 2 ولمدة 30 عاماً. وأضاف أن الشركة ستزيد التدفقات أيضاً بكميات أصغر عبر خطين آخرين إلى الصين.
ورغم ذلك، لم تُعلّق الصين بعد على تفاصيل الاتفاق. وكالة أنباء شينخوا الرسمية اكتفت بالإشارة إلى توقيع أكثر من 20 اتفاقية تعاون بين البلدين، بما في ذلك في مجال الطاقة، لكنها لم تذكر خط الأنابيب بشكل مباشر.
وتترك تصريحات ميلر عدة تساؤلات دون إجابة حول مشروع قوة سيبيريا 2:
وفي هذا السياق، علّق ألكسندر غابويف، مدير مركز كارنيغي روسيا أوراسيا، قائلاً: "أعتقد أن وجود اتفاق ملزم قانونياً، لكن من دون تحديد السعر، هو في جوهره صيغة متطورة للتعبير عن أن الصين مهتمة مبدئياً. لكن الصفقة التجارية الكاملة، بجميع تفاصيلها، لم تُبرم بعد."
ومع ذلك، إذا ما تحققت الاتفاقات الثلاثة الخاصة بالغاز، فإن صادرات روسيا شرقاً ستقفز إلى أكثر من 100 مليار متر مكعب سنوياً، مما يرسّخ مكانتها كمورد أنابيب الغاز الأكبر إلى الصين.
تسعى غازبروم إلى الاعتماد على السوق الآسيوية لدعم صادراتها بعد أن خسرت فعلياً السوق الأوروبية، حيث كانت تبيع ما يصل إلى 150 مليار متر مكعب سنوياً قبل الغزو الشامل لأوكرانيا. أما الآن فهي لا تصدّر سوى عُشر تلك الكميات لعدد محدود من المشترين في المنطقة، بينهم المجر وسلوفاكيا.
يُذكر أن خط قوة سيبيريا 2 سيعتمد على الحقول نفسها التي كانت تغذي السوق الأوروبية، في إشارة إضافية إلى أن غازبروم تمضي قدماً في استراتيجيتها للتحول نحو الشرق.
ويأتي هذا التحول في وقت يدرس فيه الاتحاد الأوروبي خطة لحظر إمدادات الغاز الروسي بموجب العقود قصيرة الأجل اعتباراً من 17 يونيو 2026 كحد أقصى، مع استثناء للدول الحبيسة مثل المجر وسلوفاكيا. أما الحظر على الشحنات المرتبطة بالعقود طويلة الأجل فسيُطبق بحلول نهاية عام 2027.
يزور بوتين بكين للمشاركة في عرض عسكري ضخم يُقام بمناسبة الذكرى الـ 80 لنهاية الحرب العالمية الثانية. وتأتي هذه الزيارة كردّ للجميل بعد أن قام الرئيس الصيني شي جين بينغ بزيارة إلى موسكو في وقت سابق من هذا العام لحضور فعالية مماثلة لإحياء ذكرى انتصار روسيا على النازيين.
وقد شاركت القوات الصينية في عرض 9 مايو في الساحة الحمراء بموسكو، وشكّلت أكبر قوة أجنبية مشاركة في ذلك الاستعراض العسكري.
خبرة أكثر من 15 عام في التحليل الأساسي (الإخباري والاقتصادي) لأسواق المال العالمية ومتابعة تطورات الاقتصاد العالمي بالإضافة إلى قرارات البنوك المركزية
Make sure you enter all the required information, indicated by an asterisk (*). HTML code is not allowed.