
جميع البيانات المنشورة من الشركة لا تعد توصية من الشركة باتخاذ قرار استثماري معين،
والشركة غير مسئولة عن أي تبعات قانونية أو قرارات استثمارية أو خسائر تنتج عن استعمال هذه البيانات.
أطلق دونالد ترامب سلسلة من الاتفاقات الجمركية والمطالب عشية الموعد النهائي الذي حدده يوم الجمعة، شملت مفاجآت تتعلق بالهند والنحاس، حيث يحاول الرئيس الأمريكي إرساء نظام تجاري عالمي جديد.
ففي يوم الأربعاء، أعلن ترامب فرض رسوم جمركية بنسبة 15% على الواردات من كوريا الجنوبية، لتتساوى مع المعدل المفروض على جارتها اليابان، إلى جانب فرض ضريبة مؤلمة بنسبة 25% على الواردات من الهند، ترافق ذلك مع انتقادات لنيودلهي بسبب مشترياتها من الطاقة والأسلحة الروسية، ما يشكّل ضغطًا على رئيس الوزراء ناريندرا مودي.
وتلوح في الأفق اتفاقات مع كل من تايلاند وكمبوديا بعد موافقتهما على وقف إطلاق النار يوم الاثنين، وهو ما يدعم هدف ترامب في الظهور كـ"صانع سلام" عالمي. كما يجري إعداد اتفاق مع تايوان، حيث قال متحدث باسم الحكومة في تايبيه إن الجانبين "توصلا إلى درجة معينة من التوافق". من جهته، قال رئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم إن ترامب أبلغه بنيته الإعلان عن تعريفة جمركية يوم الجمعة.
وقال أنور أمام البرلمان: "نأمل أن تساعد هذه الإجراءات اقتصادنا، وألا تثقل كاهله كثيرًا".
وفي خطوة صدمت الأسواق، فرض ترامب قواعد جمركية جديدة على النحاس، ما أدى إلى هبوط قياسي في الأسعار في بورصة نيويورك، وذلك بعد استثناء أكثر أشكال المعدن تداولًا من رسوم قدرها 50%.
وتأتي هذه الحملة عشية الموعد النهائي في الأول من أغسطس، الذي هدّد فيه البيت الأبيض بفرض رسوم جمركية متبادلة على الدول التي لا تربطها اتفاقيات ثنائية مع الولايات المتحدة — وهي الغالبية. وقد صرّح ترامب بأن المعدلات الجمركية عالميًا ستتراوح ما بين 15% و50%، وهي سياسات يرى أنها ستُعيد التصنيع إلى الداخل الأمريكي وتزيد من إيرادات الحكومة وتمنحه في الوقت نفسه نفوذًا هائلًا على الدول التي تعتمد صادراتها على المستهلكين الأمريكيين.
قال روب سبارامان، كبير الاقتصاديين في شركة نومورا هولدينغز: "اليوم تلقينا سيلًا من التفاصيل، وينطبق علينا القول المأثور: 'لا ترى الغابة من كثرة الأشجار'". وأضاف: "عند النظر إلى الصورة الكاملة، نرى أن ترامب نفّذ إلى حدّ كبير تهديداته بشأن الرسوم الجمركية. ما يحدث الآن هو مجرد ضجيج كثير".
ارتفعت الأسهم الأوروبية مدعومة بنتائج إيجابية لشركات التكنولوجيا، إضافة إلى التفاؤل الذي دعم العقود الآجلة للأسهم الأمريكية. في المقابل، تراجعت الأسهم الآسيوية، وانخفضت عملات المنطقة إلى أدنى مستوياتها في شهرين.
ولا تزال معظم الدول دون اتفاق تجاري، وحتى الدول التي أبرمت اتفاقات تفتقر إلى التفاصيل الأساسية — مثل الإعفاءات المحتملة والوعود الاستثمارية والتعديلات الممكنة على قواعد المنشأ. وقد أدى هذا الغموض والتخبّط وسط عملية طرح طويلة لنظام ترامب التجاري الجديد إلى إضعاف النمو الاقتصادي العالمي والضغط على الاستثمارات، رغم استمرار حالة التفاؤل في الأسواق.
وقالت أليسيا غارسيا هيريرو، كبيرة الاقتصاديين لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ في "ناتيكسيس": "هذه الاتفاقات التي تُمرّر تحت ضغط الوقت ليست مؤشرًا جيدًا". وأضافت أن "الاندفاع نحو اتفاقات لتجنّب رسوم أعلى قد يكلّف هذه الاقتصادات أكثر على المدى الطويل".
وفي الوقت ذاته، لا تزال الأجواء بين الولايات المتحدة والصين إيجابية حتى الآن. إذ قال ترامب، في كلمة من البيت الأبيض يوم الأربعاء، إن بلاده ستبرم "اتفاقًا عادلًا جدًا مع الصين". وأفادت صحيفة الحزب الشيوعي الرسمية أن محادثات هذا الأسبوع في السويد عزّزت الثقة بين الطرفين، وأعطت دفعة لاحتمال تسوية النزاعات الاقتصادية عبر الحوار.
ولم تقتصر أخبار التجارة على الخارج، إذ أعلن ترامب أن الرسوم الجمركية ستُطبَّق بدءًا من 29 أغسطس على الشحنات منخفضة القيمة (أقل من 800 دولار)، المعروفة باسم de minimis، والتي استفاد منها المستهلكون ومتاجر التجزئة، كثير منها في الصين، التي تشحن المنتجات بشكل مباشر.
في المقابل، تلقّت البرازيل مفاجأة سارّة بعدما استُثني عدد كبير من سلعها من الرسوم الجديدة، ما عزّز أداء عملتها وأسهمها. كما أفادت وكالة "بلومبرج" أن ترامب سيجري محادثة هاتفية صباح الخميس مع نظيرته المكسيكية كلاوديا شينباوم، ما دفع البيزو المكسيكي إلى الارتفاع.
في حين، قال رئيس الوزراء الكندي مارك كارني، يوم الأربعاء، إن المحادثات مع الولايات المتحدة قد لا تُستكمل بحلول الموعد النهائي الذي حدده ترامب يوم الجمعة. وتضاءلت آمال التوصّل إلى اتفاق أفضل أكثر، بعد أن نشر ترامب على منصة "تروث سوشيال" منشورًا قال فيه إن قرار كندا بدعم إقامة دولة فلسطينية "سيجعل من الصعب جدًا إبرام اتفاق تجاري معها".
أما في ما يخص كوريا الجنوبية، فإن نسبة الـ15% من الرسوم تشمل السيارات، إلى جانب صندوق كوري جنوبي بقيمة 350 مليار دولار مخصص للاستثمار في الولايات المتحدة، بما يشمل قطاعي الطاقة وبناء السفن. ووفقًا لترامب، فإن هذه الاستثمارات، كما هو الحال مع اليابان، ستكون بإشراف مباشر منه. وأوضح وزير التجارة هوارد لوتنيك، في منشور على منصة "إكس"، أن 90% من أرباح كلا الصندوقين ستتدفق عائداتها إلى الولايات المتحدة.
أما الهند، فواجهت تهديدًا بفرض عقوبة إضافية لم تُحدَّد بعد، بسبب مشترياتها من الطاقة الروسية، وذلك فوق ضريبة جمركية بنسبة 25% على وارداتها إلى الولايات المتحدة. وهذا يعرّض مجموعة من الصناعات الهندية للخطر، بما في ذلك مصنّعو الملابس والمجوهرات.
ومن المرجّح أن يُطرح موضوع النفط الروسي خلال المحادثات المقبلة مع الصين، خاصة أن بكين أيضًا تستورد كميات كبيرة من الخام الروسي، الذي أصبح هدفًا للعقوبات الأمريكية منذ الغزو الروسي لأوكرانيا في عام 2022. ويُذكر أن أسعار النفط ظلت، يوم الخميس، قرب أعلى مستوياتها منذ ما يقرب من ستة أشهر.
خبرة أكثر من 15 عام في التحليل الأساسي (الإخباري والاقتصادي) لأسواق المال العالمية ومتابعة تطورات الاقتصاد العالمي بالإضافة إلى قرارات البنوك المركزية
Make sure you enter all the required information, indicated by an asterisk (*). HTML code is not allowed.