
جميع البيانات المنشورة من الشركة لا تعد توصية من الشركة باتخاذ قرار استثماري معين،
والشركة غير مسئولة عن أي تبعات قانونية أو قرارات استثمارية أو خسائر تنتج عن استعمال هذه البيانات.
خبرة أكثر من 15 عام في التحليل الأساسي (الإخباري والاقتصادي) لأسواق المال العالمية ومتابعة تطورات الاقتصاد العالمي بالإضافة إلى قرارات البنوك المركزية
أفادت أنباء بأن الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة سحبت آخر مفتشيها المتبقّين من إيران، وذلك عقب تنفيذ قانون جديد يجرّم عمليات المراقبة الدولية، مما يزيد من التعتيم المحيط ببرنامج طهران النووي.
وبحسب دبلوماسي غربي طلب عدم الكشف عن هويته نظراً لحساسية المعلومات، فقد تم سحب آخر المتخصصين التابعين للوكالة من طهران بأمان يوم الجمعة، وعادوا إلى مقر الوكالة في فيينا. وهذه هي المرة الأولى منذ بدأت إيران تخصيب اليورانيوم قبل عقدين يُطرد فيها مفتشو الوكالة الدولية — الذين نفذوا قرابة 500 عملية تفتيش في الجمهورية الإسلامية خلال العام الماضي — من البلاد.
من المرجّح أن يثير هذا الانسحاب ردود فعل غاضبة وسريعة من الحكومات الغربية، التي دعت طهران مرارًا إلى السماح باستئناف زيارات الوكالة منذ وقف إطلاق النار في الحرب الإسرائيلية الإيرانية الشهر الماضي. إلا أن قرار إسرائيل قصف مواقع نووية وأهداف عسكرية في 13 يونيو، شكّل فعليًا حاجزًا أنهى الرقابة على ما إذا كانت إيران تمتلك القدرة على تطوير برنامج نووي عسكري.
وكان 274 مفتشًا تابعين للوكالة الدولية للطاقة الذرية، والمعتمدين لإجراء عمليات التفتيش، يقومون بالتحقق من موقع 409 كيلوجرام (902 رطل) من اليورانيوم الإيراني المخصّب بدرجة قريبة من المستوى المستخدم في الأسلحة — وهي كمية أصبحت الآن مجهولة المصير.
واتهمت إيران الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالتواطؤ في الهجوم الذي شنّته إسرائيل على منشآتها النووية، وهي تهمة نفى صحتها مدير عام الوكالة، رافائيل ماريانو جروسي. وقال المبعوث الإيراني في فيينا إن تلك الضربات — التي شاركت فيها القوات الأمريكية في 22 يونيو — تسببت في أضرار لا يمكن إصلاحها لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، وهي الاتفاقية الدولية التي تتيح للدول غير الحائزة على السلاح النووي الوصول إلى التكنولوجيا النووية مقابل السماح بتفتيشات الوكالة.
ورغم أن إيران لم تنسحب رسميًا من المعاهدة، إلا أنها قد تجادل بأنها تملك الحق القانوني في تعليق التعاون الرقابي استنادًا إلى أحكام اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات، والتي تُجيز للدول الموقعة وقف التزاماتها إذا تم انتهاك حقوقها الأساسية. ومن المسلم به على نطاق واسع في القانون الدولي أن الهجمات على المنشآت النووية تُعد خرقًا للأعراف القانونية.
مدى قبول هذه الحجج القانونية — سواء داخل الوكالة أو على المستوى الدولي الأوسع — قد يؤثر بشكل مباشر في ما إذا كان وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل سيصمد أم لا. فقد توقفت المعارك في 24 يونيو بعد 12 يومًا من القتال، لكن كلا الطرفين لم يستبعدا استئناف العمليات العسكرية.
ولردع أي هجوم جديد محتمل، قد تستخدم إيران حالة الغموض بشأن موقع وكمية اليورانيوم عالي التخصيب لديها كورقة ضغط في رسم مسار الأحداث. أما بالنسبة للولايات المتحدة وإسرائيل، فإن معرفة حالة وموقع هذا المخزون لن تكون ممكنة إلا عبر عمليات تفتيش ميدانية وعمليات تحقق، والتي من المرجح أن تتطلّب اتفاقًا تفاوضيًا يتيح لوكالة الطاقة الذرية استعادة الوصول.
قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إن إدارته ستبدأ على الأرجح يوم الجمعة بإخطار الشركاء التجاريين بفرض تعريفات جمركية جديدة على صادراتهم، على أن تدخل حيز التنفيذ في الأول من أغسطس، مع تأكيده مجددًا تفضيله للبساطة على المفاوضات المعقدة، وذلك قبل خمسة أيام من الموعد النهائي الذي حدده لإبرام اتفاقيات.
وأبلغ ترامب الصحفيين أن نحو "10 أو 12" خطاباً سيُرسل يوم الجمعة، على أن تُرسل خطابات إضافية "خلال الأيام القليلة المقبلة".
وأضاف ترامب: "بحلول التاسع من يوليو سيكون الجميع مشمولين بالكامل"، في إشارة إلى المهلة التي حددها للدول للتوصل إلى اتفاقيات مع الولايات المتحدة لتجنب الرسوم الجمركية الأعلى التي هدد بفرضها. وتابع: "ستتراوح قيمة هذه الرسوم من نحو 60 أو 70% إلى 10 أو 20%".
تصل المحادثات الأمريكية مع اقتصادات مثل إندونيسيا وكوريا الجنوبية والاتحاد الأوروبي وسويسرا إلى مراحل حرجة، حيث يتم التفاوض على أكثر القضايا إثارة للجدل. ويتماشى تهديد ترامب الأحدث— والذي يعكس نمطه المعتاد في إطلاق الإنذارات لكسر الجمود — مع تصريحاته السابقة التي أشار فيها إلى أن بعض الدول لن يكون لها رأي في تحديد مستوى الرسوم الجمركية المفروضة عليها.
إن الحد الأقصى من نطاق الرسوم الجمركية الجديد الذي يعتزم ترامب فرضه — إذا تم إقراره رسميًا — سيكون أعلى من أي من الرسوم التي أعلن عنها في البداية في أوائل أبريل في اليوم الذي أسماه "يوم التحرير"، والتي تراوحت حينها بين رسوم حد أدنى بنسبة 10% على معظم الاقتصادات، وصولًا إلى حد أقصى قدره 50%. ولم يوضح ترامب الدول التي ستُفرض عليها هذه الرسوم، أو ما إذا كان ذلك يعني أن بعض السلع ستخضع لمعدلات أعلى من غيرها.
وقال ترامب إن الدول ستبدأ "في الدفع اعتبارًا من الأول من أغسطس. وسيبدأ المال بالتدفق إلى الولايات المتحدة في ذلك التاريخ". وتجدر الإشارة إلى أن الرسوم الجمركية تُدفع عادةً من قبل المستورد أو وسيط يتصرف نيابةً عنه، لكن غالباً ما يتحمل أغلب التكلفة في نهاية المطاف هوامش أرباح الشركات أو المستهلك النهائي.
تراجعت الأسهم في آسيا وأوروبا، إلى جانب الدولار، بينما تغلق أسواق الأسهم والسندات الأمريكية بسبب عطلة الرابع من يوليو.
ويشعر بعض مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي بالقلق من التأثير المتأخر للتعريفات الجمركية على التضخم، وهو ما يجعلهم مترددين في خفض أسعار الفائدة. وقد امتنع الفيدرالي عن خفض الفائدة هذا العام — رغم الضغوط الشديدة من الرئيس ترامب — جزئيًا لتقييم ما إذا كانت زيادات الأسعار الناتجة عن الرسوم الجمركية قد تتطور إلى ضغوط معيشية أكثر استدامة.
ولطالما هدد الرئيس دونالد ترامب بأنه في حال فشلت الدول في التوصل إلى اتفاقات مع الولايات المتحدة قبل الموعد النهائي الأسبوع المقبل، فسيفرض عليها الرسوم مباشرة، مما يزيد من الضغط على الشركاء التجاريين الذين سارعوا لإبرام اتفاقيات مع إدارته.
كان ترامب قد أعلن في 2 أبريل عن رسومه الجمركية الأعلى المعروفة باسم "الرسوم المتبادلة"، لكنه جمّد تنفيذها لمدة 90 يومًا لإتاحة الفرصة للدول للتفاوض، وفرض خلال تلك الفترة معدلًا مؤقتًا بنسبة 10%.
وتقدّر "بلومبرغ إيكونوميكس" أنه في حال تم رفع جميع الرسوم المتبادلة إلى المستويات المهددة في 9 يوليو، فقد يرتفع متوسط الرسوم الجمركية على جميع واردات الولايات المتحدة إلى نحو 20%، مقارنةً بحوالي 3% فقط قبل تولي ترامب منصبه في يناير. وقد يؤدي ذلك إلى زيادة المخاطر على النمو والتضخم في الاقتصاد الأمريكي.
حتى الآن، أعلنت إدارة ترامب عن اتفاقات مع المملكة المتحدة وفيتنام، كما توصلت إلى هدنة مع الصين شهدت تخفيف أكبر اقتصادين في العالم للرسوم الجمركية المتبادلة وتخفيف القيود على الصادرات.
وعندما سُئل ترامب يوم الخميس عما إذا كانت هناك اتفاقات أخرى قيد الإعداد، أجاب: "لدينا بعض الاتفاقات الأخرى، لكن كما تعلمون، رغبتي تميل إلى إرسال خطاب فقط أُحدد فيه الرسوم التي سيدفعونها".
وأضاف: "الأمر أبسط بكثير بهذه الطريقة... أفضل التوصل إلى اتفاق بسيط يمكن الحفاظ عليه والتحكم فيه".
وكان ترامب قد أعلن عن الاتفاق مع فيتنام يوم الأربعاء، قائلاً إن الولايات المتحدة ستفرض رسومًا جمركية بنسبة 20% على صادرات فيتنام إليها، وبنسبة 40% على السلع التي تُعتبر معاد تصديرها عبر فيتنام — في إشارة إلى ممارسة تمرير مكونات قادمة من الصين وربما دول أخرى عبر دول وسيطة في طريقها إلى الولايات المتحدة.
الاتفاق مع فيتنام
رغم أن معدلات الرسوم المفروضة بموجب الاتفاق الجديد مع فيتنام أقل من نسبة الـ46% التي فرضها ترامب في البداية، فإنها تظل أعلى من المعدل الشامل البالغ 10%. ومع ذلك، لا تزال العديد من تفاصيل الاتفاق غير واضحة، إذ لم تُصدر البيت الأبيض حتى الآن أي وثيقة رسمية أو إعلان يُقنن الاتفاق ويمنحه طابعًا قانونيًا.
وبعد إعلان ترامب عن الاتفاق مع فيتنام، أكدت الحكومة الفيتنامية أن المفاوضات لا تزال جارية، مما يشير إلى أن الاتفاق لم يُحسم بالكامل بعد.
وفي المقابل، أعربت إندونيسيا عن ثقتها بأنها على وشك التوصل إلى اتفاق "جريء" مع الولايات المتحدة، يشمل المعادن الحيوية والطاقة والتعاون العسكري والوصول إلى الأسواق، وذلك قبل اقتراب الموعد النهائي لتطبيق الرسوم الجديدة، بحسب كبير المفاوضين الإندونيسيين يوم الجمعة.
لكن العديد من الشركاء التجاريين الرئيسيين — مثل اليابان وكوريا الجنوبية والاتحاد الأوروبي — لا يزالون يسابقون الزمن لوضع اللمسات الأخيرة على اتفاقاتهم.
وفي هذا السياق، يعتزم كبير المفاوضين التجاريين في كوريا الجنوبية زيارة الولايات المتحدة نهاية هذا الأسبوع، حاملاً مقترحات جديدة في محاولة أخيرة لتجنّب تطبيق الرسوم الأعلى المقررة.
أما بالنسبة للهند، فقد عبّر الرئيس ترامب عن تفاؤله بشأن إمكانية التوصل إلى اتفاق، لكنه اتخذ موقفًا أكثر حدة تجاه اليابان، واصفًا طوكيو بأنها شريك تفاوضي صعب. وقد صعّد من لهجته هذا الأسبوع، قائلاً إن اليابان يجب أن "تدفع 30%، 35%، أو أي نسبة نحددها".
وفيما يتعلق بإمكانية تمديد المهلة، نفى ترامب يوم الثلاثاء أنه يفكر في تأجيل الموعد النهائي الأسبوع المقبل. وعندما سُئل وزير الخزانة الأمريكي، سكوت بيسينت، يوم الخميس عن هذا الاحتمال، أجاب بأن القرار النهائي بيد الرئيس.
وقال بيسينت في مقابلة على قناة CNBC "سنفعل ما يريده الرئيس، وسيكون هو من يحدد ما إذا كانت هذه الدول تتفاوض بنية حسنة أم لا".
توسع بالكاد نشاط مزودي الخدمات في الولايات المتحدة في يونيو، مدعومين بانتعاش في نشاط الأعمال والحجوزات، إلا أن مؤشر التوظيف انكمش بأسرع وتيرة في ثلاثة أشهر.
ووفقًا لما أعلنه "معهد إدارة التوريد المعد للمسح يوم الخميس، ارتفع مؤشر الخدمات بنحو نقطة واحدة الشهر الماضي إلى 50.8، بعدما أظهر في مايو أول انكماش منذ نحو عام. وتشير القراءات فوق مستوى 50 إلى توسع في النشاط، فيما جاءت القراءة الأحدث متماشية مع توقعات الاقتصاديين.
وقد عاد نشاط الأعمال — وهو ما يعادل مؤشر الإنتاج في قطاع التصنيع — إلى منطقة التوسع بعد حالة من الجمود في الشهر السابق، كما نمت الطلبات الجديدة ولكن بوتيرة متواضعة.
وقال ستيف ميلر، رئيس لجنة مسح الأعمال الخدمية في معهد إدارة التوريد، في بيان: "مستوى مؤشر مديري المشتريات في يونيو يمثل عودة مرحب بها إلى التوسع، رغم أن النمو البطيء وحالة عدم اليقين الاقتصادي كانت من أكثر الملاحظات التي أشار إليها المشاركون."
وسجلت 10 صناعات خدمية نموًا في يونيو، أبرزها: النقل والتخزين والمرافق والترفيه. في المقابل، شهدت 6 صناعات انكماشًا، تتقدمها الزراعة والإنشاءات.
وإلى جانب انكماش الأعمال المتراكمة بأسرع وتيرة منذ أكثر من عامين، بدأ مزودو الخدمات في تعديل أعداد الموظفين. فقد انخفض مؤشر التوظيف ضمن المسح بمقدار 3.5 نقطة إلى 47.2، مسجلاً الشهر الثالث من الانكماش خلال الأشهر الأربعة الماضية.
تُبرز هذه الأرقام تباطؤ الاقتصاد الأمريكي خلال العام الجاري، في وقت يواجه فيه المستهلكون والشركات تداعيات السياسة التجارية التي اعتمدتها إدارة ترامب، والتي شملت فرض رسوم جمركية أعلى.
وفيما يتعلق بالتكاليف، تراجع مقياس الأسعار المدفوعة مقابل المواد والخدمات في يونيو، لكنه ظل قريبًا من أعلى مستوياته منذ أواخر عام 2022.
من ناحية أخرى، ارتفعت المخزونات لدى مزودي الخدمات خلال يونيو، في حين انخفض مقياس شعور الشركات تجاه حجم المخزون من أعلى مستوياته منذ يوليو الماضي.ويُشير هذا إلى أن عددًا أقل من الشركات بات يرى أن مخزوناته زائدة عن الحاجة، لكن المؤشر لا يزال يُسجّل ثاني أعلى قراءة له في نحو عام.
تجاوز نمو الوظائف في الولايات المتحدة التوقعات خلال يونيو، بدعم من زيادة التوظيف في قطاع التعليم العام، مما عزز سوق العمل رغم تباطؤ نشاط الاقتصاد.
وبحسب تقرير صدر الخميس عن مكتب إحصاءات العمل، ارتفع عدد الوظائف بمقدار 147 ألف وظيفة الشهر الماضي، مدفوعًا بزيادة في التوظيف على مستوى حكومات الولايات والحكومات المحلية. وتراجع معدل البطالة إلى 4.1%، نتيجة انخفاض معدل المشاركة في القوى العاملة.
ارتفعت وظائف القطاع الخاص في يونيو بمقدار 74 ألف وظيفة فقط، وهي أقل زيادة منذ أكتوبر. وتعكس هذه الأرقام تباطؤًا في وتيرة التوظيف، في وقت يواجه فيه أصحاب الشركات سياسة تجارية متقلبة يتبعها الرئيس دونالد ترامب، وينتظرون موافقة الكونجرس على تشريعه الضريبي الذي يدخل في صميم أجندة سياساته. ورغم تباطؤ النشاط الاقتصادي وتصاعد حالة عدم اليقين خلال النصف الأول من العام، فإن الشركات تبقى مترددة في خفض أعداد موظفيها.
وارتفعت عوائد السندات الأمريكية والدولار والعقود الآجلة لمؤشرات الأسهم بعد صدور البيانات، إذ خففت الأرقام الضغوط عن بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض أسعار الفائدة في نهاية هذا الشهر. وكان رئيس الفيدرالي، جيروم باول، قد صرّح بأنه لا يوجد ما يدعو للاستعجال في خفض تكاليف الاقتراض قبل اتضاح تأثير الرسوم الجمركية على التضخم، خاصة وأن الضغوط السعرية ظلت منخفضة حتى الآن هذا العام.
لكن باول أبلغ المشرّعين مؤخرًا أنه إذا طرأ ضعف كبير على سوق العمل، فقد يكون من الممكن خفض الفائدة في وقت أقرب من المتوقع.
وسجّلت وظائف حكومات الولايات أكبر زيادة منذ مطلع عام 2023، بقيادة قطاع التعليم، كما شهد التوظيف في الحكومات المحلية قفزة قوية.
أما وظائف قطاع الرعاية الصحية فقد ارتفعت بـ59 ألف وظيفة، وهي أقل زيادة منذ أربعة أشهر. وبدأ التوظيف في قطاعي الترفيه والضيافة بالتباطؤ، حيث سجل يونيو زيادة قدرها 20 ألف وظيفة، ترافقت مع تعديل بالخفض بنفس الحجم تقريبًا لبيانات مايو. في المقابل، تراجعت الوظائف في قطاعات التصنيع وتجارة الجملة والخدمات التجارية.
ذكرت مصادر مطلعة على المفاوضات بأن فيتنام والولايات المتحدة تقتربان من التوصل إلى إطار تجاري جديد، تُفرض بموجبه رسوم جمركية متدرجة على السلع الفيتنامية وفقًا لنسبة المكوّنات الأجنبية التي تحتويها.
وبحسب المصادر، فإن الصادرات التي تضم أعلى نسبة من المكونات المستوردة ستخضع لأعلى شريحة من الرسوم، والتي قد تصل إلى 20% أو أكثر. أما المنتجات التي تحتوي على نسبة أقل من المكونات الأجنبية فستخضع لمعدل أدنى، في حين ستُفرض الرسوم الدنيا — والتي قد توازي المستوى الحالي البالغ 10% — على السلع المنتَجة بالكامل في فيتنام. وأشارت المصادر إلى أن تفاصيل الاتفاق لا تزال قيد النقاش وقد تخضع للتعديل.
وتخوض فيتنام منذ أسابيع دبلوماسية مكثفة مع واشنطن، التي تُعد أكبر سوق لصادراتها، حيث تمارس الولايات المتحدة ضغوطًا على هانوي لتشديد إجراءاتها ضد الاحتيال التجاري ومنع استخدام أراضيها كممر لإعادة تصدير السلع الصينية بعد إعادة تغليفها، بهدف الالتفاف على الرسوم الجمركية الأمريكية.
وقال رئيس الوزراء الفيتنامي فام مينه تشينه الأسبوع الماضي إنه يتوقع تحقيق "نتائج إيجابية" في المفاوضات مع واشنطن قبل موعد 9 يوليو، وهو التاريخ الذي يُفترض أن تدخل فيه حيز التنفيذ رسوم متبادلة بنسبة 46%. وأضاف أن بلاده بحاجة إلى تحقيق توازن دقيق في علاقاتها مع كل من الولايات المتحدة والصين، اللتين تمثلان أهم شريكين تجاريين لها، في إشارة إلى التحديات السياسية والاقتصادية التي تواجه قيادة البلاد.
لكن حتى الرسوم المعتدلة نسبيًا ستشكل تحديًا كبيرًا للمصدّرين الفيتناميين، خصوصًا في ظل متطلبات حماية تجارية أكثر صرامة وتحقيقات بشأن قواعد المنشأ، بحسب كان فان لوك، عضو المجلس الوطني للسياسات المالية والنقدية.
وقال لوك: "إذا تراوحت الرسوم بين 10% و15%، فقد يعني ذلك ضرائب إضافية بنحو 25 مليار دولار، لكنها قد لا تترك تأثيرًا كبيرًا على الاقتصاد".
وتعتمد فيتنام بشكل كبير على الصين في الحصول على المواد الخام الضرورية للحفاظ على نموها الذي يقوده قطاع التصنيع. وتشير بيانات الجمارك إلى أن الصين شكلت نحو 38% من إجمالي واردات فيتنام العام الماضي، فيما بلغت واردات فيتنام من الصين في الأشهر الخمسة الأولى من هذا العام 69.4 مليار دولار، ما يجعلها أكبر مصدر تعتمد عليه الدولة في سلع مثل مكونات الحواسيب والمعدات الكهربائية والآلات والأقمشة.
وزارة الخارجية الفيتنامية لم تصدر تعليقًا فوريًا على هذه التقارير.
وكانت الدولة الواقعة في جنوب شرق آسيا قد عرضت إلغاء جميع الرسوم الجمركية ، كما تعهدت مراراً بشراء المزيد من السلع الأمريكية. وسافر كبار المسؤولين الفيتناميين إلى الولايات المتحدة لحشد الدعم وتوقيع صفقات بمليارات الدولارات. كما اجتمع وزير التجارة الفيتنامي مع مسؤولين في شركات كبرى مثل نايك وجاب، واللتين تعتمد على فيتنام كمركز صناعي أساسي لإنتاج سلع متنوعة من القمصان إلى أحذية كرة السلة.
ويُعد التحول الصناعي من الصين إلى فيتنام خلال العقد الماضي أحد الأسباب التي أدت إلى تضخم الفائض التجاري الفيتنامي مع الولايات المتحدة، بعد أن سارعت الشركات العالمية لنقل مصانعها هربًا من التوترات التجارية مع بكين. وقد جعل هذا التحول من فيتنام هدفًا رئيسيًا للرسوم الأمريكية. ففي العام الماضي، سجّلت فيتنام ثالث أكبر فائض تجاري مع الولايات المتحدة على مستوى الدول، بعد الصين والمكسيك.
وفي مؤشر على مدى أهمية التوصل إلى اتفاق، يستعد زعيم الحزب الشيوعي الفيتنامي، تو لام، للسفر إلى الولايات المتحدة خلال الأسابيع المقبلة، على رأس وفد رسمي وتجاري، في مسعى لإبرام مزيد من الصفقات وشراء سلع أمريكية إضافية.
هدّد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية تصل إلى 35% على اليابان، مواصلًا تصعيد التوترات لليوم الثالث على التوالي، الأمر الذي أثار مخاوف المستثمرين من أسوأ السيناريوهات، وزاد من الشكوك حول استراتجية طوكيو في المفاوضات التجارية.
وقال ترامب: "يجب أن تُجبر اليابان على دفع 30% أو 35% أو أي نسبة نحددها، لأن لدينا أيضًا عجزًا تجاريًا كبيرًا معها"، مشيرًا إلى أن الرسوم الجمركية الشاملة قد تتجاوز نسبة 24% التي كان من المقرر تطبيقها في 9 يوليو. وأضاف: "لست متأكدًا من أننا سنتوصل إلى اتفاق. أشكّ في ذلك مع اليابان، فهم صعبو المراس. عليكم أن تدركوا، إنهم مدلّلون جدًا".
وحذر محللون ومشاركون في الأسواق من أخذ تصريحات ترامب حرفيًا، مشيرين إلى أن التوصّل إلى اتفاق يبقى مرجّحًا، رغم التوترات. لكنهم أشاروا أيضًا إلى أن حكومة رئيس الوزراء شيغيرو إيشيبا قد تضطر لتغيير نهجها الحالي القائم على الصرامة والدبلوماسية، والذي بات يقرّب الجانبين من حافة التصعيد.
وقال كيرت تونغ، الدبلوماسي الأمريكي السابق في آسيا والشريك الإداري الحالي في مجموعة آسيا: "هناك خطر من رد فعل أمريكي عنيف يؤدي إلى إجراءات عقابية إضافية هذا الشهر. وإذا حدث ذلك، قد لا يكون أمام اليابان خيار سوى الرد بإجراءات مضادة خاصة بها".
ويتماشى تهديد ترامب الأخير مع أسلوبه القائم على الضغط العالي أثناء التفاوض، والذي أدى أحيانًا إلى تنازلات كبيرة في اللحظات الأخيرة كما حدث مع الصين. ومع ذلك، فإن المشاركين في الأسواق يواصلون احتساب تداعيات فشل المحادثات على مراكزهم الاستثمارية.
ورغم أن قلة من المحللين يتوقعون انهيارًا في الأسهم اليابانية إذا فشل الاتفاق، إلا أن بعضهم رجّح تراجع مؤشر "نيكي 225" إلى مستوى 38,000 نقطة — بانخفاض يتجاوز 4% — في حال فشل المفاوضات، بدلًا من تجاوزه عتبة 40,000 نقطة في حال إبرام اتفاق.
وقد تراجع مؤشر "نيكي 225" بنسبة 0.6% وأغلق عند 39,762 نقطة يوم الأربعاء، فيما تم تداول الين عند 143.88 مقابل الدولار، بانخفاض بنحو 0.3%.
وخلال المفاوضات، تمسكت اليابان بموقفها الثابت الرافض للرسوم المتبادلة الشاملة، مطالبة بإزالتها بالكامل إلى جانب الرسوم الإضافية على قطاعات السيارات والصلب والألمنيوم. وتُعد الرسوم على السيارات مؤلمة بشكل خاص لليابان، حيث يشكّل هذا القطاع قرابة 10% من الناتج المحلي الإجمالي، ويوفّر نحو 8% من الوظائف.
وأكدت طوكيو أن أي اتفاق "مربح للطرفين" يجب أن يشمل جميع الرسوم دفعة واحدة، إذ يرى إيشيبا أن غياب الاتفاق أفضل من اتفاق سيئ، لا سيما قبل انتخابات مجلس الشيوخ المقررة في 20 يوليو.
وقد كرر رئيس الوزراء يوم الأربعاء موقفه بأن الطريق للمضي قدمًا يكمن في التركيز على الوظائف والاستثمارات داخل الولايات المتحدة، مستشهدًا بما قامت به شركة نيبون ستيل التي سعت بصبر لتغيير وجهة نظر ترامب واستحوذت على شركة "يو إس ستيل".
وقال إيشيبا في طوكيو: "اليابان هي أكبر مستثمر عالمي في الولايات المتحدة، وأكبر مساهم في خلق الوظائف الأمريكية. هذا يعني أن اليابان مختلفة عن باقي الدول".
لكن مع اقتراب التاسع من يوليو، يرى بعض المراقبين أن هناك حاجة لبذل المزيد من الجهد لإقناع واشنطن بالتراجع عن فرض الرسوم.
وقال إيتشيرو فوجيساكي، السفير الياباني السابق لدى الولايات المتحدة: "علينا أن نركّز على التأثير على ترامب نفسه، أولًا لمحاولة تفادي فرض الرسوم في 9 يوليو"، مضيفًا أن تصريحات الرئيس تدل على أن طوكيو لم تقدّم بعد ما يكفي على طاولة التفاوض.
وأوضح فوجيساكي أن اليابان، رغم افتقارها إلى موارد مثل المعادن النادرة، لا تزال تملك أوراق قوة مهمة: "نحو نصف المواد المستخدمة في صناعة أشباه الموصلات تأتي من الصناعات اليابانية"، مشيرًا إلى إمكانية استخدام هذا القطاع كورقة ضغط.
وفي الوقت الراهن، يواصل المستثمرون تقييم حجم التداعيات المحتملة.
وقال زهير خان، مدير صندوق استثماري في "يو بي بي إنفستمنتس": هناك مخاطر حقيقية لانهيار المحادثات لم تُحتسب بعد في السوق. هناك دائمًا خطر حدوث خطأ سياسي من أي من الطرفين".
وأشار إلى أن مؤشر "نيكي" كان عند مستوى 32000 نقطة يوم إعلان ترامب الأول للرسوم المتبادلة، مضيفًا: "إذا كانت احتمالية عدم التوصل إلى اتفاق تبلغ 25%، فالمؤشر مفترض أن يكون عند 38000 نقطة".
قال فيليب وول، رئيس إدارة المحافظ الاستثمارية في شركة Rayliant Global Advisors Ltd.، إن "فرض موعد نهائي في المفاوضات يهدف أساسًا إلى خلق فرصة للضغط، لذا ليس من المستغرب أن يستخدم ترامب التهديد بفرض رسوم جمركية مرتفعة كأداة لدفع الأطراف نحو تقديم تنازلات مع اقتراب هذا الموعد."
وأضاف أن هذه الاستراتيجية تُعد جزءًا من أسلوب ترامب المعروف بالتفاوض تحت الضغط العالي، حيث التصعيد المدروس يُستخدم كوسيلة لانتزاع شروط أفضل قبيل لحظة الحسم.
قال فيليب وول، رئيس إدارة المحافظ في شركة Rayliant Global Advisors: "هناك أيضًا جانب من الاستعراض السياسي هنا، إذ يروّج ترامب للناخبين الأمريكيين بأن الولايات المتحدة كانت ضحية للابتزاز التجاري لسنوات، ومن الواضح أنه يريد أن يبدو صارمًا في ملف التجارة".
وأضاف:"لكن في النهاية، لا بد من التوصل إلى صفقة تحفظ ماء الوجه، حتى يظهر الأمر وكأنه نجاح تفاوضي حقيقي، وليس مجرد دمار متبادل ناتج عن طريق مسدود ورسوم جمركية مرتفعة بشكل دائم".
ومثل العديد من المشاركين في الأسواق، حذّر وول من ردود الفعل المبالغ فيها تجاه كل تصريح يصدر عن ترامب، مؤكدًا أن أي انهيار حاد في الأسواق بسبب سيناريو كارثي قد يشكل فرصة شراء ممتازة للمستثمرين النشطين على المدى الطويل.
وبشأن تحركات الين الياباني، انقسمت آراء الاستراتيجيين حول كيفية تفاعل العملة مع سيناريو سلبي. فبينما يرى ماريتو أويدا من شركة SBI Liquidity Market Co أن تنامي مخاوف المخاطر قد يدفع المستثمرين إلى اللجوء إلى الين ورفع قيمته إلى نطاق 138 مقابل الدولار، يتوقع آخرون أن تتجه العملة نحو الضعف بدلاً من ذلك.
أما أكيرا موروجا، كبير استراتيجيي السوق في بنك أوزورا، فقال إن جمود المحادثات التجارية سيؤخر على الأرجح قرار بنك اليابان برفع أسعار الفائدة، خاصة إذا ترافق مع فرض رسوم تصل إلى 35%. وأضاف أن التحرك نحو مستوى 147 سيكون صعبًا بعد اختراق حاجز 145، في إشارة إلى تباطؤ في ضعف الين.
ورغم كل هذه السيناريوهات، يبقى الإجماع بين المحللين أن اتفاقًا سيتم التوصل إليه في نهاية المطاف، حتى وإن كان على حساب تنازلات يابانية أكبر.
وقال السفير الياباني السابق لدى الولايات المتحدة، إيتشيرو فوجيساكي: "إذا تم التوصّل إلى اتفاق، فلا أعتقد أنه سيكون فوزًا للطرفين بالمعنى الحقيقي"، مضيفًا بلهجة ساخرة: "ربما سيكون فوزًا بحرف كبير (WIN) للولايات المتحدة، و(فوزًا صغيرًا) بالحروف الصغيرة لليابان".
ربما تكون الهدنة التجارية بين واشنطن وبكين قائمة حتى الآن، لكن الصين تزداد قلقًا بشأن ما يجري في أماكن أخرى: الجهود الأمريكية لعقد اتفاقات قد تؤدي إلى عزل الشركات الصينية عن سلاسل الإمداد العالمية.
ففي ظل اقتراب مهلة التاسع من يوليو، يجري مسؤولون أمريكيون محادثات مكثفة مع شركاء تجاريين رئيسيين في آسيا وأوروبا، ويدفعون نحو اتفاقات جديدة تتضمن قيودًا على المحتوى الصيني، أو التزامات واضحة للتصدي لما تعتبره واشنطن ممارسات تجارية غير عادلة من جانب الصين.
وتُعد الهند من أقرب الدول إلى إبرام اتفاق، حيث تجري مفاوضات بشأن ما يُعرف بـ"قواعد المنشأ". وتريد واشنطن أن يكون 60% على الأقل من القيمة المضافة للمنتج قد أُنجز محليًا كي يُصنّف بأنه "صُنع في الهند" ويستفيد من الاتفاق، بحسب ما أفادت به بلومبرج سابقًا. أما الهند، فتدفع باتجاه خفض هذه النسبة إلى نحو 35%، وفقًا للتقرير.
وتتعرض فيتنام ودول أخرى لضغوط مماثلة لاعتماد أنظمة جمركية متدرجة، بأن تسري تعريفات أعلى على السلع التي تحتوي على نسبة كبيرة من المكونات الصينية، حسبما أفاد أشخاص مطّلعون على سير المحادثات، طلبوا عدم الكشف عن هويتهم بسبب حساسية الموضوع. ويعكس هذا النهج بنودًا موجودة بالفعل في اتفاق التجارة القائم بين الولايات المتحدة وكندا والمكسيك.
قالت أليثيا غارسيا هيرّيرو، كبيرة الاقتصاديين لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ في "ناتيكسيس"، في تقرير حديث: "مأزق آسيا في ما يتعلق بالحرب التجارية التي أطلقها ترامب يتمثل في اعتمادها على الطلب النهائي الأمريكي، وفي الوقت نفسه اعتمادها الكبير على القيمة المضافة الصينية في إنتاجها المحلي"، مشيرة إلى أن فيتنام وكمبوديا وتايوان من بين الدول الأكثر تعرضًا للمخاطر.
وتُعد الصين شريكًا تجاريًا أكبر من الولايات المتحدة لمعظم اقتصادات آسيا، وقد حذّرت من عواقب محتملة إذا تعرّضت مصالحها للتهديد. ومن المرجح أن يُعيد وزير الخارجية وانغ يي التأكيد على هذه التحذيرات خلال زيارته لأوروبا هذا الأسبوع، والتي تشمل بروكسل وألمانيا وفرنسا.
وقالت وزارة التجارة الصينية في بيان صدر يوم السبت: "الصين تعارض بشدة أي اتفاق يتم التوصل إليه على حساب مصالحها، مقابل ما يُسمّى بخفض الرسوم الجمركية"، مؤكدة على تحذيرات سابقة، وأضافت: "إذا حدث ذلك، فإن الصين لن تقبله أبدًا، وسترد عليه بحزم لحماية حقوقها ومصالحها المشروعة".
وتنتهي مهلة ترامب البالغة 90 يومًا لتعليق ما وصفه بـ"الرسوم المتبادلة" على عشرات الشركاء التجاريين للولايات المتحدة في 9 يوليو. وإذا لم تتمكن هذه الدول من التوصل إلى اتفاقات تجارية مع واشنطن قبل هذا الموعد، فقد تواجه رسومًا جمركية أعلى بكثير.
وفي مسعى لتفادي الاصطدام مع واشنطن، بدأت بعض الحكومات باتخاذ خطوات استباقية. فقد نفذت كل من فيتنام وتايلاند وكوريا الجنوبية إجراءات تهدف لمنع إعادة توجيه البضائع عبر أراضيها إلى الولايات المتحدة، منذ إعلان ترامب عن رسومه في أبريل.
وأعلنت الجمارك الكورية الجنوبية حملة مشددة على عمليات " الشحن العابر"، مشيرة إلى تزايد هذه الممارسة. كما حذّر رئيس تايوان، لاي تشينغ-تي، من هذه المسألة، وأصدر لاحقًا قواعد جديدة تُلزم جميع الصادرات المتجهة إلى الولايات المتحدة بإرفاق إعلان قانوني يؤكد أنها صُنعت في تايوان.
القيود على التصدير
مخاوف بكين لا تقتصر على الرسوم فقط، بل تشمل أيضًا احتمالية إقناع واشنطن لحلفائها بفرض أو تشديد قيود التصدير على المعدات التكنولوجية المتطورة، الأمر الذي قد يعيق قدرة الصين على الحصول على الأدوات اللازمة لتصنيع أشباه الموصلات المتطورة.
وفي هذا السياق، أدرجت تايوان في يونيو شركتي "هواوي تكنولوجيز" و"إس إم آي سي" على قائمتها السوداء، ما يمنع الشركات التايوانية من التعامل معهما دون موافقة مسبقة من الحكومة.
الضغط يمتد إلى أوروبا
ولا يقتصر الضغط الأمريكي على آسيا وحدها؛ فأوروبا أيضًا تجد نفسها في وضع حساس. إذ تُعد دول الاتحاد الأوروبي الوجهة الأولى لصادرات الصين من السيارات الكهربائية، كما بلغت استثمارات الشركات الصينية في دول الاتحاد والمملكة المتحدة نحو 10 مليارات يورو (12 مليار دولار) العام الماضي، بحسب أبحاث حديثة من مجموعة "روديوم".
ومع ذلك، تتصاعد التوترات التجارية. فقد اتهمت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، بكين مؤخرًا بأنها "تستخدم المعادن النادرة والمغانط كسلاح"، محذّرة من المخاطر التي تشكلها الطاقة الإنتاجية الزائدة لدى الصين.
وتشعر بكين بقلق خاص من احتمال توقيع الاتحاد الأوروبي على بنود مشابهة لتلك التي تضمنها الاتفاق بين المملكة المتحدة والولايات المتحدة، والتي شملت التزامات تتعلق بأمن سلاسل الإمداد وضوابط التصدير وقواعد الملكية في قطاعات مثل الصلب والألمنيوم والصناعات الدوائية. ورغم أن نص الاتفاق لم يذكر الصين صراحة، فإن بكين انتقدته في بيان علني نادر، معتبرة إياه تحديًا مباشرًا، بحسب ما نقلته صحيفة فايننشال تايمز.
وقال يورغ فوتكه، الشريك في مجموعة "ألبرايت ستونبريدج" في واشنطن والرئيس السابق لغرفة التجارة الأوروبية في الصين: "من الواضح أن الصين قلقة من أن يقبل الاتحاد الأوروبي نفس الصياغة التي اعتمدتها المملكة المتحدة فيما يخص ضوابط التصدير".
وأضاف: "الصين تضغط على الاتحاد الأوروبي لعدم القيام بذلك، في حين تضغط الولايات المتحدة في الاتجاه المعاكس".
وتسعى بروكسل وواشنطن للتوصل إلى نوع من الاتفاق قبل التاسع من يوليو، وهو الموعد الذي تعتزم فيه واشنطن فرض رسوم جمركية بنسبة 50% على معظم المنتجات الأوروبية. ونظرًا لأن قيمة صادرات الاتحاد الأوروبي إلى الولايات المتحدة تزيد بأكثر من الضعف عن تلك المتجهة إلى الصين، فإن التكتل يرى في واشنطن شريكًا أكثر أهمية، ما يمنح الأخيرة نفوذًا كبيرًا في المفاوضات.
وقال هوسوك لي-ماكياما، مدير "المركز الأوروبي للاقتصاد السياسي الدولي" في بروكسل، والذي كان في بكين مؤخرًا لحضور اجتماعات تسبق قمة الاتحاد الأوروبي والصين هذا الشهر: "بيان الصين في عطلة نهاية الأسبوع موجّه بوضوح إلى بروكسل"، مضيفًا: "الصين قلقة بشأن ما قد يتفق عليه الاتحاد الأوروبي مع الولايات المتحدة".
الخطر طويل الأجل بالنسبة لبكين يتمثل في أن هذه الجهود قد تتبلور في نهاية المطاف إلى تحوّل أوسع — ليس مجرد حملة تقودها الولايات المتحدة لكبح صادرات الصين، بل إعادة تشكيل شاملة للتجارة العالمية تُبنى حول سلاسل توريد "موثوقة"، مع تزايد تهميش الصين واستبعادها منها.
وفي زيارة له إلى جنوب شرق آسيا في وقت سابق من هذا العام، دعا الرئيس شي جين بينغ دول المنطقة إلى التكاتف كـ"عائلة آسيوية"، محذرًا من مخاطر تفكك التجارة الإقليمية.
لطالما ردّت بكين على الإجراءات التي تعارضها بإجراءات تجارية انتقائية. فعندما فرض الاتحاد الأوروبي رسومًا جمركية على السيارات الكهربائية الصينية العام الماضي، سارعت الصين بفتح تحقيقات مكافحة إغراق بحق منتجات أوروبية مثل البراندي ومنتجات الألبان ولحم الخنزير. كما أوقفت واردات المأكولات البحرية من اليابان عام 2023 بعد اجتماعات مجموعة السبع التي استضافتها طوكيو والتي اعتُبرت ناقدة للصين. أما الخلاف مع أستراليا في عام 2020، فقد أدى إلى فرض قيود تجارية على سلع بقيمة مليارات الدولارات، من بينها الكركند والنبيذ والشعير.
وقال توو شينكوان، عميد معهد الصين لدراسات منظمة التجارة العالمية في جامعة التجارة والاقتصاد الدولية في بكين، والمستشار السابق لوزارة التجارة الصينية: "إذا تضمنت بعض الاتفاقيات نصوصًا صريحة تُظهر أن الصين مستهدفة، وأن بعض الدول تتعاون أو تتواطأ مع الولايات المتحدة لاحتواء الصين، فإن الصين ستردّ بلا شك".
ارتفعت أعداد الوظائف الشاغرة الأمريكية بشكل غير متوقع في مايو إلى أعلى مستوى لها منذ نوفمبر، مدفوعة بشكل أساسي بقطاع الترفيه والضيافة، في حين تراجعت وتيرة تسريح العاملين، ما يشير إلى استقرار سوق العمل رغم عدم اليقين الاقتصادي.
ووفقًا لبيانات صادرة يوم الثلاثاء عن مكتب إحصاءات العمل، ارتفع عدد الوظائف المتاحة بمقدار 374 ألف وظيفة إلى 7.77 مليون، متجاوزًا جميع تقديرات الاقتصاديين في استطلاع أجرته بلومبرج.
وقد شكّل قطاع الضيافة والترفيه نحو ثلاثة أرباع الزيادة في الوظائف خلال مايو، بينما سجلت قطاعات مثل التمويل والنقل والتخزين والرعاية الصحية زيادات أكثر اعتدالًا.
وقد أعادت هذه الزيادة عدد الوظائف الشاغرة إلى مستويات قريبة من متوسط العام الماضي. ومع ذلك، فإن التركّز الكبير للنمو في قطاع واحد فقط، وتباين الأداء في بقية القطاعات، يشير إلى أن أرباب العمل باتوا أكثر حذرًا في توسيع القوى العاملة، رغم تمسّكهم في الغالب بموظفيهم الحاليين.
انكمش نشاط المصانع الأمريكية في يونيو وللشهر الرابع على التوالي، مع تسارع وتيرة تراجع الطلبات والتوظيف، مما يعمّق حالة الركود التي يعاني منها قطاع التصنيع.
ووفقًا لبيانات صادرة يوم الثلاثاء عن معهد إدارة التوريد ، ارتفع مؤشر نشاط التصنيع بشكل طفيف بمقدار 0.5 نقطة إلى 49 نقطة، إلا أن أي قراءة دون مستوى 50 تُعد مؤشرًا على الانكماش.
وسجّل مؤشر الطلبات الجديدة أكبر تراجع له منذ ثلاثة أشهر، مع انكماش مستمر منذ خمسة أشهر متتالية، ما يُرجّح أنه نتيجة لتأثير الرسوم الجمركية المرتفعة والتباطؤ الاقتصادي العام. كما انخفض مؤشر الطلبات المتراكمة بمقدار 2.8 نقطة إلى 44.3، وهو أدنى مستوى له في عام، ليستمر في الانكماش للشهر الثالث والثلاثين على التوالي — وهي أطول سلسلة هبوط مسجلة.
وكانت البيانات الحكومية الأسبوع الماضي قد أظهرت تراجع إنفاق المستهلك في مايو بأكبر وتيرة منذ بداية العام، وذلك بعد فصل سنوي هو الأضعف من حيث الإنفاق الشخصي منذ بدء جائحة كورونا.
ويُفسّر ضعف الطلب وانكماش الطلبات المتراكمة التراجع المتسارع في التوظيف داخل المصانع، حيث هبط مؤشر التوظيف إلى أدنى مستوى له في ثلاثة أشهر، كما أنه سجّل انكماشًا لخمسة أشهر متتالية.
في نفس الوقت، أشار مسح معهد إدارة التوريد إلى أن ارتفاع تكاليف المواد الخام لا يزال يمثل مشكلة للمنتجين، حيث ارتفع مؤشر الأسعار إلى 69.7، ليقترب من أعلى مستوياته منذ يونيو 2022.
كما أظهرت البيانات أن مؤشري الواردات والصادرات واصلا الانكماش، لكن بوتيرة أبطأ. وارتفع مؤشر الواردات بمقدار 7.5 نقطة — وهي أكبر قفزة منذ خمس سنوات — بعد أن شهد هبوطًا حادًا في الشهر السابق.
أما الإنتاج الصناعي، فقد عاد إلى منطقة التوسع خلال يونيو بعد ثلاثة أشهر من الانكماش، ما يشير إلى تحسّن جزئي في أداء المصانع رغم الضغوط الأخرى.
قال الرئيس دونالد ترامب إنه سيدرس ترحيل الملياردير إيلون ماسك، ردًا على سؤال بشأن تحوّل ماسك من حليف إلى منتقد للتشريع الخاص بالضرائب والإنفاق المحوري لترامب.
وقال ترامب للصحفيين في البيت الأبيض يوم الثلاثاء: "لا أعلم"، عندما سُئل عمّا إذا كان سيقوم بترحيل رجل الأعمال المولود في جنوب أفريقيا والذي يحمل الجنسية الأمريكية، قبل أن يضيف: "سيتعيّن علينا النظر في الأمر".
وتُعدّ تصريحات الرئيس هذه أحدث فصول الخلاف المتجدد بين ترامب وأغنى رجل في العالم، والذي صعّد من انتقاداته لمشروع القانون الضريبي الذي يتبناه الحزب الجمهوري، الذي يُسرّع من إنهاء الإعفاء الضريبي الممنوح لمشتري السيارات الكهربائية. وقد تراجعت أسهم شركة تسلا، التي يشغل ماسك منصب الرئيس التنفيذي فيها، بأكثر من 4% في تعاملات ما قبل افتتاح السوق.
ويرى ترامب أن معارضة ماسك للقانون ترجع إلى إلغاء الدعم الحكومي الذي تستفيد منه العديد من شركاته. وفي وقت سابق من يوم الثلاثاء، هدّد ترامب عبر وسائل التواصل الاجتماعي بسحب الإعانات من شركات ماسك، وهو تهديد أعاد تأكيده خلال لقائه بالصحفيين.
وقال الرئيس إن ماسك "يخسر تفويضه في سوق السيارات الكهربائية"، مضيفًا أن "إيلون قد يخسر أكثر من ذلك بكثير".
ويُشير "تفويض السيارات الكهربائية" بشكل عام إلى مجموعة من معايير كفاءة استهلاك الوقود والحدود المفروضة على الانبعاثات من العادم، والتي تُجبر شركات تصنيع السيارات فعليًا على بيع عدد متزايد من الطرازات الكهربائية.
وقد تحركت الإدارة الأمريكية لتقليص هذه السياسات، لكنها لا تزال قائمة ولم يمسّها التشريع الجاري النظر فيه في مجلس الشيوخ. إلا أن مشروع قانون الضرائب والإنفاق يتضمن إلغاء الإعفاء الضريبي الذي يُمنح للأفراد عند شراء سيارات كهربائية، وهو ما ساعد على تحفيز المبيعات.
وقد وجّه ماسك انتقادات لاذعة للتشريع الذي يتبناه الحزب الجمهوري، واصفًا إياه بأنه "مشروع إنفاق جنوني"، وهدّد بالمساهمة في تأسيس حزب سياسي ثالث في الولايات المتحدة. لكنه نفى أن يكون دافعه في المعارضة هو الحفاظ على الدعم الحكومي لشركاته.
وكان ماسك قد دعم ترامب في انتخابات 2024، وتولى لاحقًا قيادة "إدارة كفاءة الحكومة"، وهي مبادرة عملت على تقليص حجم القوى العاملة الفيدرالية وتقليل مسؤوليات الحكومة، قبل أن يغادر منصبه في أواخر مايو.
وقد دبّ خلاف علني بين الرجلين بسبب انتقادات ماسك لمشروع القانون الضريبي، وتبادلا الإساءات على وسائل التواصل الاجتماعي. وبينما بدا أن الخلاف قد هدأ لفترة، عاد ماسك مؤخرًا إلى مهاجمة التشريع بشكل متكرر، ما أعاد إشعال التوتر بينهما.